من يفوز؟ المدنيون أم العسكر؟
06-01-2019 04:02 PM
من يفوز؟ المدنيون أم العسكر؟
ألصراع الأذلي بين العسكر و المدنيين تجسده الحالة السودانية في الدولة الحديثة , و في الحركة الدائرية للتداول الحصري للسلطة فيما بين الجيش و الأحزاب السياسية , والذي حظي فيه ضباط القوات المسلحة السودانية بالنصيب الأكبر من مدد الأستحواذ على الكرسي , فلكل ظاهرة سياسية أسبابها المنطقية و منطلقاتها الواقعية , إذ لا يمكن أن يكون قسط ونصيب الحكومات العسكرية من السلطة ما جملته أربعة و خمسون عاماً من إجمالي ثلاث وستين سنة هي عمر الدولة الحديثة , دون وجود أسباب يستوعبها العقل والمنطق السليم !!.
إنّ الاستفهام الذي يلح بشدة على أذهان الناس , هو: لماذا لم تستطع الأحزاب و التنظيمات السياسية و منظمات المجتمع المدني والنقابات , الحفاظ على المؤسسات الديمقراطية التي تركها البريطاني في كامل زينتها و عنفوان شبابها؟ وبحسب اجتهادنا نرى أن السبب الجوهري لهذا الإخفاق يكمن في صفوية وطائفية تكوين هذه الأحزاب , و ليس من رجاحة العقل أن نأمل أو نمني أنفسنا بالحصول على مؤسسات تحكمها الأسس والمباديء الديمقراطية , عندما نصوت لمصلحة فوز حزب لا يتعاطى الفعل الديمقراطي داخل أروقة مؤسساته التنظيمية , و يقبع رئيسه أو أمينه العام خمسين عاماً في مقعده دون أن يسمح بالبديل الديمقراطي إلا في حالة واحدة , ألا وهي (الموت) , وهذه الأحزاب التي نقصدها هي تلك التي قادها كل من السيدين و الراحلين الترابي ونقد , وهي خير مثال لما نقول.
و المعضلة الأكبر التي ظلت ماثلة في علاقة العسكر و بعض (الأحزاب الكبيرة) , ذلك التآمر المعهود الذي تمارسه باستمرار هذه الأحزاب مع جميع مجالس قيادات الانقلابات العسكرية , التي تنقض على أنظمة الحكم الديمقراطي (فاطمة السمحة) التي يبشرون بها قواعدهم الجماهيرية , ويلقنونها لاتباعهم في الندوات والمحاضرات , فانقلاب مايو قامت بتدبيره وتنفيذه ومساندته واحدة من هذه الأحزاب , وكذا انقلاب العميد عمر حسن البشير , وفي أيامنا هذه نرى و نشاهد ذات الدعــــارة والمسافحة السياسية , التي امتهنتها هذه الأحزاب ومارستها مع العسكر في سالف الأزمان , نراها تعود من جديد لتجعل نفس الأحزاب تتهيء لحرق أبخرة (بوخة المرقة) لتخطب ود المجلس العسكري كعادتها , غير عابئة بطموحات وأشواق جيل شباب (الصبّة).
و جماعة قوى إعلان الحرية و التغيير هي الأخرى لم تبرأ من مرض مداهنة العسكر , ولم تقدر على مقاومة الانصياع لسطوة حملة الأنواط و النياشين الحربية , وذلك بقبولها الجلوس للتفاوض مع هذا المجلس العسكري من منطلق دوني , ومع ذلك الكيان الذي لا يمتاز عنها بشيء قد وجدناها منحته روح المبادرة , فاصبح يعلن متى تبدأ جلسات التفاوض و أمسى هو الذي يذيع خبر توقيت إغلاقها , ممسكاً بمفاتيح أبواب غرف اجتماعات قاعة الصداقة , وضاعت نصائح الصحفي الذكي و الحصيف (عثمان ميرغني) فأصبحت غباراً تذروه الرياح , تلك الوصايا التي كانت ستجبر المجلس العسكري على القبول بالجلوس والتفاوض مع هذه القوى الثورية , تحت ظلال خيام المعتصمين أمام ميدان قيادة الجيش , في حال عملت بها وبتوجيهات هذا الصحفي النحرير.
تجدني أسخر من اولئك الساسة والفنانيين و المثقفين الذين يستخفون بالمقدرات العقلية للعسكر , ويتهكمون عليهم برسوماتهم الكاريكاتيرية و تغريداتهم التويترية , وهذه السخرية التي تنتابني نابعة من أن الدلائل البائنة في سباق شئون السلطة و الحكم , تؤكد على أن النميري الذي وصفناه (بطيش حنتوب) , قد قاد جيشاً من حملة الدكتوراه على مدى ستة عشر عاماً , وأن العميد عمر حسن الذي قال عنه شيخه الراحل أنه متواضع القدرات , قد لعب بعقل ذات الشيخ العرّاب وضحك عليه , و استخدم مجموعة تلامذته الاكاديميين الذين كان يفاخر بهم لتمكينه من السلطة , الحواريين الذين وصفهم العرّاب بأنهم صفوة خريجي الجامعات السودانية و الأجنبية , وخوفي أن يقود جحافل هؤلاء (البروفسيرات) وللمرة الرابعة ولعدد من السنين القادمة , هذا الشاب البدوي العبقري المشبع بروح الفراسة والفروسية و المغامرة.
ومن أهم العوامل التي سوف تخصم من رصيد قوى اعلان الحرية و التغيير , تلك المماحكات الاقاصائية الضارة التي تقوم بها بعض مكوناتها , فعندما يتم ابعاد و محاربة الناشطين و الصحفيين و الإعلاميين الفاعلين , الذين لهم دورهم البائن في الحراك الشعبي الذي كلل بانبلاج فجر الخلاص في الحادي عشر من أبريل , و الذي قدم فيه الجميع النفيس و الغالي من الدماء , اليساري منهم واليميني والغير مؤدلج.
الوقت هو الفيصل في جميع محصلات الأنشطة و نتائج الممارسات الانسانية , والملاحظ أنه ومع مرور الوقت يفقد هذا الجسم الممثل للثوار الصادقين , مساحات أكبر من أراضيه المحررة داخل قلوب السودانيين , في خضم صراعه مع السلطة العسكرية الانتقالية , و في ذات الوقت تتمدد هذه السلطة الانتقالية خارجياً عبر تمثيلها للسودان في المحافل الاقليمية , وكسبها لاعتراف هذه المحافل , وتنبسط داخلياً عبر إمساكها بملف الفعاليات الشعبية من إدارات أهلية , و جماعات وطوائف دينية مورس بحقها الاقصاء من قبل قوى اعلان الحرية , ففي الوقت الذي يتقوقع فيه تحالف التغيير أمام مساحة تقدر ببضع من عشرات الأمتار المربعة , يتمدد العسكر شعبياً في مدن و أقاليم السودان الأخرى , مستخدمين أجهزة الدولة في ذلك.
فالحل ليس في (البل) كما تقول المقولة الشعبية المراهقة , وإنما يكمن في أن تتخلص قوى الحرية و التغيير من العقلية الاقصائية , و أن لا تضيع جهدها الاعلامي في مطاردة ذي النون و نائب رئيس المجلس العسكري , و أن تعمل على استقطاب جميع قطاعات وفئات المجتمع السوداني و أقاليمه , لأن السودن لا يمثله المعتصمون أمام قيادة الجيش وحدهم , وهو كذلك ليس بالضرورة يتمثل في هذه المدن الثلاث وحدها.
إسماعيل عبد الله
[email protected]
|
خدمات المحتوى
التعليقات
ايه الغباوة دية؟ سيخسر الذين أنت منهم!!
ريال مدريد وبرشلونة لو أضفت ليهم برهان وحميدتي والكباشي حا يخسروا واحتمال ينزلو الدرجة التالية
يا اسماعيل يا اخوي لاقدر الله لو اصبت بشلل في رجلك، هل سوف تقطعها لترتاح منها ام سوف تذهب لقسم العلاج الطبيعي وتمارس العلاج الطبيعي لعدة سنين برغم بطئ تقدم العلاج وحاجته لصبر السنين،
هكذا هي الديمقراطية العرجاء علاجها مزيد من الديمقراطية والصبر على العلاج الطبيعي بالسنين. فهل يعقل الصبر على علاج نفسك او ابنك ولا تصبر على علاج الوطن.
كلام ده دعوة مبطنة للدكتاتورية.
#1832740 [سوداني اصيل]
06-01-2019 04:12 PM
المعضلة ماعندكم قوات تقيف معاكم
مافي جيش
ديلك عندهم سلاح
انتو ماعندكم سلاح
مافي ضابط واحد
طلع وثق للمجلس العسكري
كلو دافن دقن
|
إسماعيل عبد الله
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|