المقالات
السياسة
السودان إلى أين؟؟؟
السودان إلى أين؟؟؟
06-02-2019 01:33 AM

السودان الى أين.
في ظل صراع المصالح
بين أحزاب آل بوربون.
هل عقرت حواء السياسة السودانية أم أننا مصابون بالظهايمر؟؟؟.
في الحقيقة أيها الشعب السوداني العظيم إنه كلما انتفضت وغيرت نظاما دكتاتوريا تفنن فيك قتلا وتعذيبا وسجنا واغتصابا ودمر البلد ونهب ثرواته، سلمت مصيرك تفاوضا وحكما لأحزاب سياسية تفتقر الى معايير الحزب الديمقراطي، يتحكم في قراراتها أفرادا أو فئات قليلة، كما لا تتسع المشاورات بداخلها لتشمل حتى هياكلها المركزية وان اتسعت فهي مشاورات صورية تتطابق فيها الرؤى والأفكار مع توجهات الزعيم، وقد يختلف هذا الزعيم وحزبه مع زعيم الحزب الآخر ليس في قضايا وطنية مصيرية وانما لأجندته الخاصة التي لا تتعدى دائرة السلطة وفي أحسن الأحوال قد لا تتعدى قناعاته الشخصية والتي يتوهم وفقا لتنشئته غير الديمقراطية بأنها الأفضل للوطن والشعب وهكذا يختزل الزعيم كل الحزب في شخصه باقصاء كل الرأي الآخر والاحتفاظ بالمتطابقين معه في الرأي لتجد مواقف الحزب واتجاهاته الفكرية والسياسية وخطابه وتحالفاته على مر العقود ثابتة غير متطورة ومواكبة للمستجدات المحلية والاقليمية والدولية وقد تضمحل قدرات الحزب الفكرية والسياسية ويصاب الزعيم بوهم التكامل الادراكي ويصبح أكبر تحدي أمام تقدم الساحة السياسية حكومة ومعارضة .. وعندما يلتقي هذا الحزب بالحزب الشبيه فيأتلف الضعيفان في تحالف هش ينهش جسده النحيل ضعف السياسات وصلابة المواقف فيتجمد المشهد بأثره ويصاب بالشلل التام.
هذا المشهد هو الذي يجري الآن بين حزب الأمة القومي والحزب الشيوعي السوداني عضوي تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير. فهذين الحزبين أضف اليهما الاتحادي الديمقراطي والجبهة الإسلامية القومية اذا دخلوا في أي تحالف سياسي تأكد بإنه تحالفا ضعيفا لا جدوى منه بل قد يكون مضرا للشعب السوداني والوطن لان كل منهم يدخل هذا التحالف بثقل الماضي وتركته المشبعة بالمؤامرات والمرارات وعلى سبيل المثال نذكر:
١/ بعد انتخابات ١٩٥٧م تم تشكيل حكومة ائتلاف بين حزبي الأمة والوطني الاتحادي وبسبب الخلافات العميقة بينهما وغياب النهج الديمقراطي السليم لمعالجتها قد سلم رئيس وزراء بكامل صلاحياته السلطة لقائد الجيش حينها الفريق إبراهيم عبود في ١٧ نوفمبر ١٩٥٨م
٢/ بعد انتفاضة ١٩٦٤م قد سلم الشعب السوداني مصيره لذات الأحزاب التي سلمت سلطته للجيش، وقد تم تشكيل حكومة انتقالية من جبهة الهيئات وبقية القوى السياسية وبسبب الخلافات البينية لم تجد حكومة سر الختم الخليقة أية مساحة للوصول الى حل ينهي الحرب في جنوب السودان، حيث احتج حزبا الأمة والاتحادي الديمقراطي على تمثيل الحزب الشيوعي بأكبر من وزنه الحقيقي في الحكومة الإنتقالية وسيروا المواكب وعطلوا دولاب العمل فاضطر رئيس الوزراء لحل الحكومة وتشكيل حكومة أخرى وفقا للأوزان الحقيقية للاحزاب، وللعلم فإن الحزب الشيوعي السوداني رغم مواقفه المتأرجحة من الديمقراطية ورغم إعتداده بفكره وتنظيمه القوي الذي أدخله في خلافات مصيرية مع قوى سياسية أخرى إلا إنه كان ومازال فاعلا أساسيا في كل الثورات التي أطاحت بالحكومات العسكرية الدكتاتورية بل أنه يقاوم كل الدكتاتوريات بإستراتيجيات وأساليب تجعله أكبر بكثير من وزنه الحقيقي. ورغم البداية الصحيحة من قبل حكومة سر الختم الخليفة لحل الأزمة إلا أن ذات الحزبين قد عجلا بقيام الانتخابات، وبعد تشكيل الحكومة المنتخبة قد ظلت الأزمة قائمة ومتفاقمة، وذلك لإنحراف القوى السياسية عن واجبها الوطني ودخولها في خلافات انصرافية عميقة أدت الى حل الحزب الشيوعي وطرده من البرلمان بل كانت الخلافات حتى على مستوى الحزب الواحد وعلى سبيل المثال، انشقاق حزب الأمة القومي سنة ١٩٦٦م لتنتهي تلك الحقبة بإنقلاب الشيوعيين في ٢٥ مايو ١٩٦٩م بقيادة العقيد جعفر نميري
٣/ بعد انتفاضة ١٩٨٥م قد كرر الشعب السوداني نفس الخطأ بالكربون وسلم سلطته ومصيره للقوى السياسية التي تآمرت مع الجيش مرتين وانقلبت على الشرعية الدستورية لتبدأ القوى السياسية الديمقراطية الثالثة
بذات المفاهيم والمواقف غير الديمقراطية فتجددت الصراعات غير المنطقية، حيث كانت الخلافات إما لأجندة شخصية أو لحزبية وأيديولوجية ضيقة بل حتى الأجندة الحزبية دائما ما تنتهي الى شخصية لتنتهي تلك الحقبة أيضا بانقلاب الجبهة الاسلامية القومية في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م بقيادة العميد عمر البشير.
٤/ بعد نجاح ثورة ١٩ديسمبر في اسقاط رأس النظام عاد الشعب السوداني يحمل مصيره وحقوق مئات الألوف من الشهداء والنساء المغتصبات وكل المظلومين ليسلمها لذات الأحزاب لتفاوض المجلس العسكري نيابة عنه.
أيها الشعب السوداني العظيم، كل ما سبق ذكره يؤكد حقيقة واحدة، وهي أن كل الأحزاب السياسية التي حكمت السودان أو شاركت في السلطة إبان الديمقراطيات الثلاث الماضية فهي تفتقر الى معايير الحزب الديمقراطي، حيث لا يستقيم عقلا أو منطقا أن يمكث زعيم الحزب في موقعه رئيسا نحوا من ستين سنة ويظل الزعيم الآخر رئيسا حتى يفارق الدنيا وتجد حزبأ آخرا لم يقم مؤتمره العام منذ أكثر من خمسين سنة ويطلق على نفسه حزبا ديمقراطيا يمثل هذا الشعب العظيم، والآن كلكم تشاهدون أن حليمة قد عادت الى قديمها، فواجب قوى إعلان الحرية والتغيير الوطني والأخلاقي أن تظل موحدة ومتماسكة وقوية حتى تنهي الحوار الذي يدور بينها والمجلس العسكري الا انها وقبل أن تحقق تطلعات الثوار بإنتقال السلطة الى حكومة مدنية أضحت تصارع نفسها من أجل المكاسب الضيقة مما أعطى فرصة كبيرة للمجلس العسكري ليراوغ ويتعنت ويتمسك بمواقفه المدعومة من قبل محور السعودية والإمارات ومصر.
أيها الثوار العظماء حتما أن هنالك جنود مجهولون قادوا هذه الثورة العظيمة تخطيطا وتعبئة ومشاركة، لو اعتمدتم عليهم ستحققون أهداف الثورة وتطلعات الشعب، أبحثوا عنهم ونظموا انفسكم فإن حواء السياسة السودانية لم تعقر بعد وأن دماء الشهداء الأماجد وأنين النساء المغتصبات سيظل دافعا قويا ومحفزا فكريا ووعيويا حتى يتحقق التغيير الكامل الذي سوف يقدم نخبة سياسية جديدة ومشبعة بثقافة الديمقراطية لقيادة هذا الشعب العظيم.

د. محمد مصطفى محمد فضل
مدير المركز الإفريقي العربي لبناء ثقافة الديمقراطية والسلام.
[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 378

خدمات المحتوى


د. محمد مصطفى محمد فضل
د. محمد مصطفى محمد فضل

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة