المقالات
السياسة
قد نُضطُّرّ الى نهرٍ من الدماء
قد نُضطُّرّ الى نهرٍ من الدماء
06-08-2019 02:31 PM

صدورنا تغلي من فرط الغضب جراء مذبحة الإعتصام. ولنا الحق في غضبنا. بل لكل شعوب العالم والإنسانية أن تغضب. وقد غضب الكثيرون منهم. العواطف ثائرة. والعواطف تطغى على العقول. حقيقة مثبتة علمياً. تعضدها تجاربنا الشخصية. وتجارب الإنسانية على مرّ الأزمان.
وحين تطغى العواطف. ينزوي العقل ويضمحل ويتعطل. وعندما يتعطل العقل تضطرب بوصلة التوجيه السليم كليةً. فنسير على غير هدى. ونسلم أنفسنا لمحض الصُدف. ورب صُدفة فيها الهلاك المحتوم.
فاذا اتفقتم معي على ذلك. خذوا ما أتطرق اليه هنا بعين العقل. ولا ترجموني بحمم العواطف. فخوفي على الوطن. وتوقي الى الحرية والتغيير لا مزايدة عليه. تماماً كما هو خوف وتوق الشباب الذي ثار وجاد بأرواحه لبلوغ ميلاد سودان جديد. في شجاعة ستبقى مضرب الأمثال في سجل شعوب الأرض من سفر التاريخ.
ولكن......(هذه لم لا تدعني !! )
شاهدنا المقتلة الشنيعة في خواتيم الشهر الكريم. مقتلة فاقت تصورنا أجمعين. وتخطتها توقعاتنا العقلية ونحن في غمرة العواطف. ولو كنا نعلم أن كل تلك الدماء الزكية ستسكب على أرض الإعتصام. وميئات تلك الأجساد البريئة المسالمة سيمثل بها ويلقى معظمها موثوقا الى لجة الماء. ولو كنا ندري بأن شرف أمهاتنا وأخواتنا وأعراضهن ستغتصب. لرضينا بما أتيح لنا من مجلس عسكري في يده سلاح جيش كامل ونحن عزّل. الا أننا بما فينا شخصي الضعيف ، كنا في سكرة العواطف والحماس وظننا أن النصر قاب قوسين أو أدنى. وها نحن نلطم الخدود ونشق الجيوب بلا طائل. وما ننفك نهتف ( سلميه ). نحن عزل. جيشنا قاعد متخاذل. قياداته العليا في كفة المعسكر القاتل. الدعم السريع الذي خدعنا الى حين هو عين القاتل. العالم مشغول بمصالحه. دمعة هنا ودمعة هناك. صوت هنا وصوت هناك. تخفت رويدا رويدا حتى تختفي أو تكاد. ويذهب العالم ينشغل بمصالح التكتلات الإقليمية. ويروح يحصي مداخيل الدولارات. ونحن لا نملكها.
حدث ذلك للثورة السورية. سمعتهم بأذني هاتين يرددون ذات هتافنا بالسلمية. قتلهم الأسد. تسلحوا ثم استعانوا بمتسلحين كثيرون. وكادوا ينتصرون. طغت المصالح الإقليمية على المشهد. أدخلت روسيا نفسها في المعادلة. قلبت المشهد رأساً على عقب. وبقية القصة تعرفونها.
رأينا ذلك في مذبحة ميدان ( رابعة العدوية ). تهيجت العواطف. انفعل العالم. شجبت أمريكا واستنكرت بأقوى لغة ممكنة. خمدت براكين الغضب شيئاً فشيئا. طغت المصالح والمعادلات الإقليمية على الحدث الجسيم. وبقية القصة تعرفونها.
الأمثلة كثيرة ودونكم فلسطين المحتلة واليمن وليبيا. وخاشقجي !!
ليس أوضح مثالاً على طغيان المصالح والتوازنات الإقليمية من ما حدث في جريمة ( جمال خاشقجي ) رحمه الله. فهي شنيعة وواضحة المعالم. والقاتل يكاد يصيح ( خذوني !).
أرغى العالم وأزبد. وبكى وولول. وبعد حين
تطغى المصالح والتوازنات الإقليمية المبنية أصلاً على المصالح. خفتت الضوضاء. ماتت القضية. وعم السكون.
نحن لسنا إستثناءا.
ولنتبين مسار خطواتنا لابد لنا أن ندرك أننا نعيش حالياً في أسوأ نظام عالميٍ. نظام يلعب به الدولار لعبُ القط بالفار. هذا زمان ( ترامب ! ). وترامب رئيس أقوى دولة في العالم. والقوة الآن تتمثل في قوة الاقتصاد والسلاح. وهو تاجر بالمعنى الحرفي للكلمة. ليس بين جنبيه ذرةٌ من الإنسانية. هو آلة حاسبة صماء لا إحساس عندها. تفهم الجمع والطرح والضرب والقسمة فحسب. ترامب سيجري عمليات حسابية. وسينحاز لمخرجات المصلحة المادية البحتة. حسناً ، نحن حتما لسنا من بين تلك المخرجات بوضعنا الحالي.
نعم.... أدانت منظمات حقوق الإنسان المجزرة التي وقعت على شبابنا. وشجبت منظمات المجتمع المدني. بكى معنا بصدق من بكى. لكنهم في النهاية سيمسحون دموعهم. تهدأ عواطفهم. ويدركون أن روسيا والصين يعترضان على اصدار قرار في الأمم المتحدة بادانة من قام بالمجزرة ! وذلك أضعف الإيمان. لكن موازنات المصالح تطغى على الحق الواضح وضوح الشمس. وبدأنا نسمع همساً من موظفي الادارة الأمريكية في الإتجاه المعاكس لنا. متمثلاً في ميل القائم بالأعمال الأمريكي للمجلس العسكري. همسٌ لن يلبث طويلاً ليتحول الى كلاماً مسموعاً تزيد من قوته مرةً أخرى المصالح والتوازنات الإقليمية. ونحن بوضعنا الحالي. اقتاصدياً وعسكرياً وسياسياً نساوي صفراً كبيراً في تلك التوازنات.
اذاً علينا الإعتماد على أنفسنا فحسب. وخيارات الاعتماد على أنفسنا واضحة للعقل دون العاطفة :
أن نصر على مصادمة العدو متمثلا في المجلس العسكري. فإن صادمناه بسلميتنا هذه ، سنضطر الى أنهر من دماء شبابنا الغالية .لن يتأتى لنا ذلك إلا حين نلقي ( السلمية ) وراء ظهورنا ونسلح أنفسنا. والحشاش يملا شبكتو.
أو
أن تثور النخوة والكرامة السودانية في عروق جيشنا فيجعلوا ثورتنا السلمية في حماهم ويتصدرون المقارعة والنزال في وجه عصابات الجنجويد والخائبين من قواتنا النظامية.
أو
نتنازل عن شيء من طموحاتنا ونقبل بما نتوصل اليه مع المجلس العسكري حتى تكون البيئة العالمية في وضع مساعد وعندها نكمل ثورتنا بالوسائل المتاحة حينها. فما لا يدرك كله لا يترك كله.
حب الوطن والحرص على تفادي مزيد من دماء شبابنا من وراء القصد.
وذلك رأي أقبل نغضه برأي مصدره العقل وليست العاطفة.

الرسيد العطا
[email protected]





تعليقات 5 | إهداء 0 | زيارات 1229

خدمات المحتوى


التعليقات
#1833963 [عثمان عبدالله الحاج]
0.00/5 (0 صوت)

06-08-2019 05:50 PM
إنهزامي وهل تعتقد أن التنازلات ستقف عند هذا الحد إن أي حكومة يشارك فيها الجنجويدي المرتزق تعني ماتبقى من جيش ومن كرامة إن ما لاتعرفه هو أن هذه السلمية ستجبر الأغراب على التراجع فقد كانوا يظنونها خاطفة وبعدها يهدأ الملعب


#1833955 [طه جامع]
0.00/5 (0 صوت)

06-08-2019 05:07 PM
نعلم جيدا ان ما وقع جزءا من الحقيقة والواقعة في دنيا المصالح ولكن هل يحي الانسان بالخبز وحده .المتمسك يدينه كالقابض علي الجمر والتاريخ لن يسمح بذلك وسيكتب عنا من المتخاذلين ولكن الوقت الراهن جزءا من المعادلة في ايدي الثوار وهي قبولهم بالوساطة الأثيوبية ونترك باقي السناريوهات للزمن فلا تكن من المتخاذلين والخناجر المسمومة ان لم تكن أصلا


#1833948 [الكدرو]
0.00/5 (0 صوت)

06-08-2019 04:32 PM
أخي الرشيد ، الثورة تسير للامام ولا تحبط ، واصرار وتعند الحرية والتغيير اولا كان لتحقيق مطالب الثوار ، وموت شهداء في المعركة أمر متوقع بغض النظر عن العدد ولكن الحرب طويلة لايمكن ان نستسلم من أول معركة خسرنها وامامنا حرب طويلة.

وأنا لا اعتقد أن الشعب قد خسر هذي المعركة بل كسبها بكل جدارة وبقنائم كثيرة، اشرح لك: عندما اتى البشير وكيزانه للحكم وحكموا 30 عام، لو أتي لكم من يطلع على الغيب وقال لكم اعطوني اغلى ما عندكم من الشباب فداء وثمنا لاكشف لكم كيف تكون الثلاثون عام القادمة وما سيفعله بكم هؤلاء الناس بالسودان (شريط فيديو) من قتل وتشريد وانفصال وعنصرية وملايين الاروح التي فقدت في انحاء الوطن، والثمن الاغلي الذي يدفعه الشعب للان تركتهم الثقيلة من امثال برهان حميدتي، والكثير من الالام والجروح في النفوس. اغلب الناس وكل العقلاء كانو سوف يرضون بإضعاف مضاعفة من الثمن المطلوب.

الآن أتى عالم الغيب واخذ العشرات من اعز شبابكم ليكشف لكم البرهان وحميدتي ومجموعتهم لكي لا تضيع ثلاثين سنة اخرى من عمركم ويقسمون المقسم ويقتلون اجسادنا بعد أن قتل الكيزان أرواحنا ، ولكي لا ترجعون بعد عشرات السنين وتتأسفون على ما مضى ويا يريد ما رضينا لقد خدعونا وغشونا وياريد لو استمرينا وإن كان الثمن مليون شهيد.

لا بد أن نتفق على استراتيجية واحدة ، النصر او الشهادة. ونترك التكتيكات للقيادة ولا نناقشهم فيها الا بعد انتهاء الحرب، اما أن نقف بعد أنتهاء كل معركة نولول أو نهلل ده كلام ما بيوصل لنتيجة. لنترك امرنا لله وننطلق لثورتنا.

قوموا لثورتكم يا شباب ومليون شهيد لعهد جديد ومحل الرهيفة التنقد.


#1833939 [سوداني اصيل]
0.00/5 (0 صوت)

06-08-2019 02:58 PM
يازول دة فرصة مابتتعوض
الناس ديل اذا حصل اي تسويه معاهم

معنها انك تشوف قاتل اخوك او عمك او صحبك او امك
لافي في الشارع
عادي
عشان نحن خايفين من ترامب

ودة ماممكن اتوقع

نحن بنعبد الله
مابنعبد ترامب

يازول نجضو الشغلة للاخر
الناس الماتو هاتقو ليهم شنو
احسن نحصلهم
دة كلام فاضي

ترمب سيد نفسو


#1833936 [MAN]
0.00/5 (0 صوت)

06-08-2019 02:40 PM
المشكلة الان لا يوجد جيش، الكيزان عملوا طوال الفترة الماضية علي تجفيف الجيش من الافراد وذلك بجعل المرتبات ضعيفة جدا مقارنة بالجنجويد وجهاز الامن، مرتب عسكري في الامن او الجنجويد اعلي من مرتب ضابط في الجيش، لذلك اتجه معظم الناس الي الامن والجنجويد علي حساب الجيش والشرطة.
بالاضافة الي ذلك تم الحاق عدد كبير من الضباط في رتب مختلفة بالجنجويد.
المشكلة الاكبر خيانة القيادة الحالية للجيش المتمثلة في البرهان، حيث قامت بالاجراءات التالية لتغييب الجيش:
1- سجن عدد كبير من الضباط المتعاطفين مع الثورةأ او ارسالهم الي الاقاليم البعيدة.
2- تجريد معظم القوات من السلاح
4- السماح للجنجويد باحتلال القيادة العامة للجيش والسيطرة الكاملة عليها

الان الامل فقط في صغار الضباط في المدفعية عطبرة وبقية الحاميات خارج الخرطوم في تجميع صفوفهم والتنسيق بينهم وبين القوات الجوية للتحرك وضرب الجنجويد تحت غطاء من الطيران الحربي، المشكلة الجنجويد سيطروا علي القوات الجوية نحسبا لهذا السيناريو.
الاخوة من الضباط في الخدمة او المتقاعدين يجب ان يشاركوا بارائهم في كيفية الخروج من هذا المازق.
الوضع حرج جدا لدرجة لا يتصورها كثير من الناس، حيث احكم الجنجويد السيطرة علي الخرطوم وهناك انباء عن مجموعات اضافية قادمة من تشاد، لذا لا بد للضباط الوطنيين في الخدمة او المتقاعدين من التنسيق والتحرك لانقاذ ما يمكن انقاذه.

الان الوضع اختلف خيث ان الصراع لم يعد بين الشعب والسلطة الحاكمة، ما يحدث الان هو احتلال كامل للخرطوم من قوة معظم افرادها غير سودانيين، ولذلك الاعتصام لن يفيدنا في هذه الحالة ولكن لا باس منه للضغط عليهم.
يجب عاجلا علي الضباط الوطنين السيطرة علي الحاميات خارج الخرطوم استعدادا للمواجهة القادمة لا محالة لتحرير الخرطوم.


الرشيد العطا
الرشيد العطا

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة