المقالات
السياسة
عناصر القوة والضعف لدى المجلس العسكري
عناصر القوة والضعف لدى المجلس العسكري
06-12-2019 12:03 AM

عناصر القوة والضعف لدى المجلس العسكري

1/من خلال تحليل عناصر القوة والضعف لدى المجلس العسكري يمكن الوقوف عند مكونات هذه القوة، من خلال المكون الأول، ممثل في الجيش والشرطة والأمن والدعم السريع، والمكون الثاني ممثل في الدعم الاقليمي الاماراتي السعودي، والمكون الثالث ممثل في الاعتماد على القوة الحزبية المعروفة باحزاب الفكة بما فيها المؤتمر الشعبي وجبهة الشرق.
٢/ دعونا نتناول العناصر أعلاه بالتحليل، بالنسبة للجيش نجده محشوا بعناصر الدولة العميقة، ولاسيما كبار الضباط الذين يوالون النظام السابق، فهؤلاء يمارسون ، في الوقت الراهن، استراتيجيات عدة للحيلولة دون تنفيذ أجندة الثورة، منها التحرك ببطء شديدة والمراوغة، وزرع الخلافات داخل المجلس العسكري نفسه، ويعملون كرافع اساسي للثورة المضادة او الانقاذ في نسختها الثانية. كذلك هناك العناصر الغاضبة على النظام السابق وهؤلاء من صغار الضباط الذين إنحازوا للثورة امثال حامد ومحمد صديق ورفاقهم، وقد تعرضوا للتنكيل بعيد انحسار أزيز الثورة. كما ان قوة الجيش في حد ذاته ليست كما ينبغي، فقد لحقه الإهمال بسبب مخاوف البشير من ان ينقلب عليه، الأمر الذي جعل منه قوة هامشية في الحرب الأهلية في السودان، وتعرض لهزائم عديدة في مسارح العمليات في الجنوب وجنوب كردفان ودافور، وحينها فكر الرئيس المخلوع عمليا في استبداله بقوات الأمن والدعم السريع وهي القوات التى تولت العمليات العسكرية في العشر سنوات الأخيرة.
٣/جهاز الأمن والمخابرات الوطنى، اعتمدت قوته على قوة ونافذية قادته، فمثلا في عهود صلاح قوش بلغ الجهاز أعتى قوته، حيث عمد قوش الى تحويله إلى قوة نظامية مقاتلة من خلال إنشاء فرع العمليات، وقد لعب هذا القسم دورا حاسما في هزيمة قوات حركة العدل والمساواة التى هاجمت الخرطوم في عام ٢٠٠٨، الامر الذي جعل البشير يولي هذا الجهاز اهتمام خاص وقد منحه ميزانية مفتوحة. وكعادة هذه الاجهزة في ظل النظم القمعية تعرض الجهاز لداء الاستقطاب الحاد بين قادته وعلى أسس قبلية للاسف، وانقسم في داخله بين أبناء قوش وأبناء نافع، هذا الاستقطاب الحاد أفقد الجهاز كوادر كثيرة بسبب تصفية الخصومات السياسية بين قادته السابقين واللاحقين.
٤/ الدعم السريع كواحد من عناصر القوة المادية لدى المجلس العسكري، يعتبر الأخطر على الاطلاق، وذلك لعدة اسباب منها انه مجموعة جيدة التسليح، ولديها قدرات فائقة على الحركة والانتقال والمناورة، هذا علاوة على الولاء الاعمى لقائدها حميدتي، وكذلك وجود عناصر غير سودانية من تشاد وأفريقيا الوسطى أفقدها التعاطف مع الشمال والوسط السوداني، حيث يقومون بدورهم كمرتزقة يقاتلون من أجل المال، وقد شاهدنا ذلك من خلال لغة التشفي والحقد الذي مارسه هؤلاء إبان عمليات فض الاعتصام، وقد لمس الجميع كيف أنهم يتعاملون مع المعتصمين كأعداء ودون رحمة البتة، وكذلك من عناصر قوة الدعم السريع أن قائده حميدتي قد حرق مراكبه مع الجميع، حيث دخل في تصفيات دموية مع أبناء عمومته في مستريحة اودعهم ما بين السجن والمقابر، وايضا حميدتي يعتبر خائن للإسلاميين وتسبب في انهيار نظام البشير ولذلك فهو يعاني كابوس عودة دولتهم في نسخة ثانية، فالرجل يخشى على نفسه من الانتقام والتنكيل به، وبالنسبة لحميدتي التحرك الى الامام وراء اعدام. إقليميا دخل حميدتي بمعاونة طه الحسين في تعهدات كبيرة للسعودية والإمارات بتوفير مصدر دائم للمقاتلين المرتزقة لصالح هاتين البلدين، فالسعودية تعتمد في اليمن على جيش حميدتي كمقاتلين على الارض، ولذلك وجوده في المشهد مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم، ما جعل محمد بن سلمان يتحدث معه بلغة واضحة لا تحتمل اللبث، من ناحية زرعت السعودية والإمارات في ذهن حميدتي إمكانية حكمه للسودان في حال تحكمه في مجريات الأمور في المرحلة الانتقالية، بدليل أن الرجل افتخر اثناء لقائه بقادة وجنود الشرطة بأن لديه شعبية تؤهله لحكم السودان.
٥/ يعتبر الدعم الإقليمي الاماراتي السعودي من أهم عناصر القوة لدي المجلس العسكري، حيث يوفر المال اللازم للقيام بأي عملية، ولكن بعد حادث فض الاعتصام تعقد المشهد أمام هذا التحالف، الأمر الذي وضع هاتين الدولتين في مواجهة مع المجتمع الدولي لاسيما الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، هذا علاوة على الرفض الواسع لهذا المحور محليا وسط السودانيين، كذلك تهافت التحالف الاماراتي السعودي اضعف تأثيره في المشهد الراهن. من الناحية العملية يمكننا القول إن خطة التحالف الاماراتي السعودي تتعرض إلى تصدع كبير ، وذلك بسبب خسارته لقوى الحرية والتغيير في المقام الاول، وسوء تنفيذ الخطة من قبل الجنرال حميدتي نظرا لقلة خبرته في التعامل مع المواقف الحرجة في المقام الثاني، ومعلوم ان الأمارات سعت لاستقطاب قادة الحرية والتغيير حيث زارها كل من مريم الصادق وخالد سلك وياسر عرمان وجبريل ومناوي وآخرون. من جهة اخرى، يمكننا القول إن الحزب الشيوعي لعب دورا كبيرت في إفساد المخطط الاماراتي السعودي في السودان من خلال حرب البيانات التي قادها إبان اعتصام القيادة والحيلولة دون توقيع اتفاق مع المجلس العسكري من خلال تبني سقف عالي يلغي بموجبه مهمة حميدتي ويضع حد لطموحاته وطموحات حلفائه الاماراتيين والسعوديين.
6/ حاول المجلس العسكري تعزيز قوته من خلال التعاون مع ما يسمى باحزاب الفكة بما فيها المؤتمر الشعبي وجبهة الشرق، وآخرون من المتردية والنطيحة وما اكل السبع، ولكن هذه الخطة فشلت في طور المناورة فهذه الاحزاب قد انتهت صلاحيتها من خلال الاستخدام المتكرر الذي فعله بها البشير في سنوات حكمه، وينطبق عليها المثل الشعبي ( ام جركم ما بتاكل خريفين)، ثم ثانيا هذه الاحزاب باستثناء المؤتمر الشعبي هي احزاب مصنوعة لاسباب ما عادت موجودة في الوقت الراهن، و لذلك فإن مبادرة المؤتمر الشعبي قد ولدت ميتة.
7/ أخيرا حاول المجلس العسكري الاستقواء بالجماعات الاسلامية من شاكلة تيار نصرة الشريعة وجماعة عبد الحي يوسف وبقايا انصار السنة، ولكن هناك اسباب حقيقية وشكوك متبادلة بين الطرفين لا تجعل مياههما تسير في ذات النهر، فتيار نصرة الشريعة محسوب عالميا على داعش، وجماعة عبدالحي ضعيفة ونفعية اكثر منها جماعة منظمة، ولكن الاهم من هذا كله، فإن اولياء نعمة المجلس العسكري يعملون في الاساس ضد هذه التيارات الاسلامية ولن يتعاونوا معها مهما كانت الظروف. كما ان هذه الجماعات تعاني قطيعة مع المستقبل ولذلك فهي مرفوضة وسط الشباب السوداني.
8/ الخلاصة ليس بمقدور المجلس العسكري حكم السودان لا بالقوة ولا عبر صناديق الاقتراع، وعليه اي محاولة للتشبث بالحكم لا تعدو كونها محاولة فاشله تضر الشعب السوداني ولن تنفع المجلس العسكري، كما ان عودة الانقاذ في نسخة ثانية، مستبعدة لعوامل اقليمية ودولية، وعلى المجلس العسكري ان يستوعب ان المسير في طريق بناء السودان الديمقراطي أسهل واكثر أمانا للجميع، ويمكن للمجلس المساهمة في هذا الاطار بفعالية، كما يمكنه عرقلة مسيرة الشعب السوداني نحو الديمقراطية ولكنه لن يتمكن من ايقافها، وإن حلم السودان الديمقراطي اقرب الى التحقق الآن اكثر من اي وقت مضى.
نواصل في المقال القادم في تحليل عناصر القوة والضعف لدي الاحزاب المكون لقوى الحرية والتغيير وحلفاء الثورة السودانية

صالح موسى
[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 1347

خدمات المحتوى


صالح موسى
صالح موسى

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة