المقالات
السياسة
مجلس القتلة و السلطة المدنية: الثورة هي الحل!
مجلس القتلة و السلطة المدنية: الثورة هي الحل!
06-15-2019 05:08 PM

مجلس القتلة و السلطة المدنية: الثورة هي الحل!

مطلب التحول إلى سلطة مدنية لم و لن يكون أبداً من أهداف أو نوايا ما يُسمى بالمجلس العسكري الانتقالي. فالمجلس الذي ترعرع محسوبوه و أدمنوا التمرغ في فراش السلطان/الطاغية ثمناً لجبنهم و بسبب ضمائرهم المعطوبة و إنسانيتهم الخربة و تعطشهم لدماء الأبرياء، هذا المجلس يعلم يقيناً بأنه سيكون أول ضحايا السلطة المدنية بعد أن يتكشف حينها للجميع حجم الجرائم و الفساد الذي عاث اعضاؤه فيه تخطيطاً و تنفيذاً، ليس أقلها جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية في مناطق الهامش السوداني في دارفور و النيل الازرق و جبال النوبة و من بعد ذلك جرائم قتل و سحل و إغتصاب المتظاهرين السلميين، خاصة خلال عملية فض إعتصام القيادة العامة الغادرة. يحلم المجلس بأن بقائه في السلطة سيكون هو الضمانة الوحيدة لتلافي المحاكمة في تلك الجرائم. و لكن هيهات! فتلك الجرائم، أيها المجلس الفضيحة، لا تسقط بالتقادم و لا ينبغي.
كان جليّاً منذ اليوم الأول لإنقلابهم ضد ولي نعمتهم، كان المجلس يحاول في إستماتة لاهثة كسب الوقت للإنقضاض على الثورة بصورة نهائية و لتثبيت اقدامه في السلطة، ولذا لم تكن محاولاته الاتصال و التواصل مع القوى التي كانت حتى الامس القريب تقتات من موائد الفاسد عمر البشير بإسم الشريعة تارة و بإسم القبيلة أوالجهة، إلخ، تارة أخري، لم تكن إلاّ احدى تلك المحاولات البئيسة و التي كانت الغاية منها إلهاء الجميع بغرائبية ذاك المنحى و لكسب الوقت، ليتبعها بعد ذلك بمسرحية قبول التفاوض على إقتسام السلطة ولكن مع التعنت المتعمد و الاصرار على ضرورة ترؤسه مجلس السيادة المُقترح. و يقيننا هو أنه حتى لووافقت قوى التغيير على مثل تلك القسمة القسرية فإن المجلس كان سيسعى لأيجاد سبب آخر "يفرمل" به عملية نقل السلطة. فهدف مجلس القتلة الأول و الأخير هو "التمكين" و لا غير!
كان مجلس القتلة طيلة الفترة التي سبقت مجزرة فض اعتصام القيادة العامة، كان يخطط و يبحث عن فرصة مؤاتية للقيام بذلك. و لعل الزيارات المكوكية التي قام بها اعضاؤه إلى اسيادهم في بلدان الخليج و مصر كانت كلها تفضح نية المجلس للإستئثار الكلي بالسلطة. كانت تلك الزيارات تهدف إلى و تبشّر بنقل نية المجلس بالإنقلاب على الثورة و أهدافها و أستجداء مباركة كفلاءه و سادته لتلك الخطوة الشريرة.
حالياً، و إستمرارا لسعيه الدءوب لإكتساب المزيد من الوقت هاهو المجلس يخرج إلينا بمسرحية المؤتمر الصحفي الذي كشف من ضمن ما كشف ليس فقط تورطه الكامل في التخطيط و إقتراف جريمة فض إعتصام القيادة و لكن أيضاً حقيقة أن القائمين عليه _المؤتمر الصحفي_ لم و لن يتخلوا أبداً عن صفاتهم الكريهة المتمثلة في عدم تحمل المسؤلية الأخلاقية و في الجبن والكذب و الضمير الخرب، وإن كان الغرض الثانوي من المؤتمر، بالتأكيد، هو تقديم تبريرات واهية يعتقدون بأنها هي التى أدت إلى فض الاعتصام و للتقليل من حجم الكارثة بينما لا تزال دماء الضحايا تغطي ساحة القيادة العامة و ابوات المرتزقة من الجنجويد و تابعيهم من الخونة المجرمين عابري الدول، و لا تزال أجساد الضحايا الابرياء السلميين تحتضنها مياه النيل بعد ان قرر هؤلاء القتلة الرعاديد مصادرة حق مقبرة تحفظ كرامة الميت و تجلب شيئاً من السلوى النفسية للاسر المكلومة.
وعلى ذات منحى كسب الوقت، ففي الوقت الراهن يسعى مجلس القتلة حثيثاً للقضاء على ما تبقى من القوات المسلحة و إستبدالها بمليشيات الجنجويد التي ما فتئت تتكاثر كما السرطان في جسد الوطن المكلوم. فها هو أحد متحدثي و منسوبي المليشيا سيئة الذكر يقرر بلا حياء أو خجل بأن قوات الدعم السريع (إسم الدلع لمليشا الجنجويد) ما هي إلاّ الإسم الجديد للقوات المسلحة سابقاً! و لعل المسرحية العبثية التى خرج بها المجلس حول ضبط محاولة إنقلابية وإعتقال المتورطين فيها، تُنبئ من ضمن ما تُنبئ به هذه المحاولة المخططة لتصفية القوات المسلحة لصالح مليشا الجنجويد!
و كما قد ذكرنا في مقال سابق، فإنه، و منذ البداية، لو كان لمجلس القتلة نية حقيقة في نقل السلطة إلى حكومة مدنية وأنه لا يزال يحتفظ ببقايا من حياء بشري عادي و إحترام للذات، كان الاحرى به تقديم إستقالته فور سقوط الطاغية و اعلان إستعداده للمحاكمة في الجرائم التى إقترفها اعضاؤه بدلاً عن المساومةعلى البقاء في السلطة. و لكن الجبن وإنحطاط الأخلاق و الروئ وحدها هى التي منعت و لا تزال تمنع المجلس عن إتخاذ مثل هذه الخطوة الهامة و الضرورية!
أخيرا و ليس آخرا، فإن قطع خدمات شبكة الانترنت عن البلاد لهو دليل قوي آخر يكشُف نوايا مجلس القتلة و محاولته إخفاء جرائمه التي يزمُع على إقترافها حتى يحقق هدفه الأوحد: السيطرة الكاملة على أرض السودان و شعبه!
لقد خلقت الثورة المجيدة فضاءاً لواقع فعلي و عقلي مغاير لكل ما لمسناه و عايشناه في الماضى. هذا الواقع الجديد يتمثل في الوحدة الوجدانية حول وطن يسع الجميع؛ وطن تجب التضحية بالغالي و النفيس من اجله؛ وطن وجوده و بقاؤه ضروريان و حتميان لوجودنا؛ وطن يحتفي و يحتفل بالاختلاف، و فوق هذا و ذاك خلقت الثورة ذاتاً ثورية تتنفس ثورة إلى آخر قطرة دم. هذا الواقع هو الضمانة الاولى و الاخيرة لهزيمة مجلس القتلة و مشروعات السفلة المحليين و الإقليمين و الدوليين و تدشين الدولة المدنية: دولة المواطنة كاملة الدسم. قوموا إلى ثورتكم، فالثورة هي الحل!
محمد عثمان (دريج)
هاملتون/ يونيو 15/ 2019
[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 541

خدمات المحتوى


محمد عثمان (دريج)
محمد عثمان (دريج)

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة