المقالات
السياسة
العفو مقابل التنازل!!
العفو مقابل التنازل!!
06-16-2019 09:49 AM

مناظير - زهير السراج

* المخلوع لم يتخلَ عن الكذب حتى وهو في السجن.. ويبدو أنه صدّق رواية أحد أعضاء المجلس العسكري التى تناقلتها الصحف وأجهزة الإعلام سابقًا بأنهم عندما أبلغوه بقرار الانقلاب قال لهم: "على بركة الله، أوصيكم على الشريعة والشعب السوداني"، فأخذ يرددها ويرويها للمقربين الذين تسمح لهم سلطات المجلس العسكري بزيارته في (مقر إقامته) المريح بسجن كوبر وآخرهم وفد المفوضية السودانية لحقوق الإنسان!!

* هذه الرواية كاذبة تمامًا، فعندما أُبلغ المخلوع بالانقلاب هاج وماج وأخذ يصرخ في وجوه مبلغيه (خونة.. خونة.. خونة)، ثم أخذ هاتفه واتصل بصديقه وصفيه (عبدالرحيم محمد حسين) طالبًا منه الحضور إلى قصر الضيافة ليؤدي القسم وزيرًا للدفاع ويقبض على الخونة، وهنا أصدر (الخونة) الأمر بالقبض عليه ووضعه قيد الإقامة الجبرية، كما قبضوا على (عبدالرحيم) وهو في الطريق إلى قصر الضيافة، وهو ما يفسر السبب في أنه كان أول شخص من مسؤولي العهد البائد يُقبض عليه بعد القبض على المخلوع مباشرة.

* الشيء الذى لم أجد تفسيرًا له حتى الآن هو لماذا حاول المجلس العسكري الترويج لواقعة كاذبة وإظهار الرئيس المخلوع بمظهر الشخص الصابر الحريص على الشريعة والشعب عند إبلاغه بقرار الانقلاب، بينما ظهر عكس ذلك تماما؟.. هل هو نوع من التعاطف مع ولى نعمتهم السابق، أم تأثر شديد بأكاذيبه حتى صاروا مثله لا يشعرون بالارتياح إلا إذا كذبوا؟!

* آخر أكاذيبهم.. الحديث عن مشاركة رئيس القضاء في اجتماع دعا له المجلس العسكري لفض منطقة كولومبيا، التى نفاها بيان صادر عن المكتب الفني للهيئة القضائية بقوله إن رئيس القضاء رفض المشاركة في الاجتماع باعتباره أمرًا لا شأن له به حسب قانون الهيئة القضائية، مما يزيد موقف المجلس العسكري تعقيدًا، ويعري الأكاذيب والتناقضات التي ظل يدلي بها حول جريمة فض الاعتصام التي تضعه في خانة الاتهام بارتكاب جرائم قتل ومحاولة قتل وتسبيب الأذى الجسيم.. إلخ مما يجعل كل من أمر بها وشارك فيها عرضة لعقوبة الإعدام والسجن!!

* في رأيي، ليس أمام المجلس العسكري سوى أحد خيارين: إما الاعتراف بالجريمة وتقديم استقالة جماعية في مقابل الحصول على عفو عام وعدم الملاحقة القضائية في المستقبل، شريطة موافقة أصحاب الحق الخاص (المصابون وأسر الضحايا)، وهو أمر معمول به في معظم الدول لتحقيق المصلحة العامة، أو التمسك بأكاذيبه وتناقضاته واستمرار فرضه للأمر الواقع والتسمك بالسلطة والتحول إلى عدو للشعب والتسبب في حدوث جرائم أكبر وتحويل البلاد إلى مستنقع للفوضى والاضطرابات وتحمل المسؤولية القانونية والتاريخية والأخلاقية المترتبة على ذلك، والسقوط في مذبلة التاريخ!!

* المسألة في غاية الوضوح.. هنالك جريمة فادحة ارتكبت ولا مجال للتلاعب والتفريط في أرواح ودماء ومعاناة ضحايا تلك الجريمة البشعة، ولكن بما أن الذى يمكن أن يترتب على التمسك بمعاقبتهم وقوع ضرر أكثر فداحة وحدوث فوضى وفقدان المزيد من الأرواح وسفك المزيد من الدماء وتسبيب المزيد من المعاناة، فإنني ومن منطلق تحقيق المصلحة العامة واستنادًا على القاعدة الفقهية والقانونية بأن (دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة)، أتقدم باقتراح أجد نفسي مضطرًّا له رغم عدم ارتياحي له، وهو العفو عن المجلس العسكري بكامل عضويته فيما يتعلق بهذه الجريمة وكل الجرائم التي سبقتها (إن وجدت) في مقابل تقديم استقالتهم من المجلس والمواقع الأخرى التى يشغلونها؛ العسكرية والمدنية، وتكليف أشخاص آخرين من القوات المسلحة السودانية من أصحاب التاريخ الناصع يكونوا محل ثقة الجميع، ولو تطلب الأمر استدعاء بعضهم من التقاعد وإعادة تعيينهم في القوات المسلحة، ليتولوا مواصلة ترتيبات نقل السلطة إلى المدنيين من المكان الذي توقفت فيه والمشاركة في مجلس سيادي مدني عسكري بسلطات رمزية يضمن تحقيق مطلوبات الفترة الانتقالية والتقدم نحو الدولة المدنية الديمقراطية الكاملة!!

* من المؤكد أن البعض سيعترض على هذا المقترح باعتباره مساومة بأرواح عزيزة فُقدت ودماء طاهرة سُفكت في جريمة بشعة تميزت بالغدر والخسة وسبق الإصرار والترصد، لا سبيل للتعامل مع مرتكبيها سوى تقديمهم للعدالة وتحقيق العدالة الكاملة للضحايا وأسرهم الكريمة، ولكن بما أن التمسك بهذا المبدأ القانوني والأخلاقي الأصيل قد يقود إلى وقوع أضرار أكثر فداحة ويعصف بالمصلحة العامة، أجازت القوانين في معظم دول العالم بما فيها السودان العفو عن المجرم أو تخفيف العقوبة عنه تحت ظروف معينة مقابل اعترافه بالجريمة والتنازل عن سلطته أو مصلحته الشخصية.. وهو ما دعاني لتقديم المقترح آنف الذكر، على أمل مناقشته بهدوء والتوصل إلى صيغة مثلى لتنفيذه بشكل مقبول للجميع وعلى رأسهم أسر الشهداء والضحايا والمتضررين الذين ستظل تضحياتهم الغالية جميلا يطوق أعناقنا ونورا يضيء لنا الطريق أبد الدهر، إن شاء الله الكريم.
الجريدة





تعليقات 4 | إهداء 0 | زيارات 1846

خدمات المحتوى


التعليقات
#1836013 [محمد سعد]
0.00/5 (0 صوت)

06-18-2019 11:00 AM
مسدار الجيش:-
مانشيت الصحف نشرت كباسن شاكي قال الجيش تغازم وهان كرامة الكاكي
يا بلد السمر قوليلي ايه الجاكي بتريدي البزلك وتكرهي البهواك
الجيش في الضعين ضاق المهازل عرقة اتهرشوا الجنود واندق قايد الفرقة
الفعل الحصل يا ديشنا كان بتدرقة في وجه الشعب الاحترام بتفرقة
السوس كان كتر عود المرق بنشق والجيش كان سلم من الوسخ بتنق
معليش يا عميد الجنجويد من حقه دام الجيش تسيس كل يوم تندق
في عهد الملايش وانعدام العيش خربانه البلد ما فيها هيبة جيش
تندق يا عميد برضك تقول معليش وخليه الشعب الدولة تحمي الجيش
صقر الجديان حزن خو وتباكي علينا وقال بالصريح النصرما لينا
ما دام الحكم كتل الرجال الزينة اتهانت عروضنا ولامست كرعينا
ديل اكلوا السمح والجيش اكل طعمية واتخطوا الرتب بي رتب وهمية
يا حليل البلد لما كان محمية بالكاكي المدرع وهيبته القومية
رغم الظلم عاس فوق الضماير وفذة لسع باقي في وجدانها عسكور عزة
لو ما الجيش تقلبن والمكان بتنز ما بتنهز كان كل الخلق ينهز
الجيش قومي كان لا عرب لا نوبة وهسع تخصخص في رتب ملعوبة
لو ما حكم القجر والدنيا جات مقلوبة ما بنزل يمين علم الشعارها قروبة
يا حليل الزمن العد روح جيلها زمن العساكر ما بعرفوا قبيلة
بلدا رجال فيها مخدر نيلها كيف تنزل لي شلة وتفك دا الحيلة
الجيش تهمل وسيسوا الطابور وجينج التعنصر في الحصل معزول
النضم الهرش في الدار صبح محظور وبقت الملايش وحدها العسكور
القال الحقيقة بيدخل الزنزانة وبتهرش المليشيا الدولة بي اركانها
راتبهم مضخم والجيوب مليانة والجيش بالفلس متقحبد الجبخانة
ما شفنا الاسد من النعام بتحاب وما اظن الضكر في يوم بيكون مشاط
هم والرئيس كل البيكون يوم في بلاط وقدام العساكر بكتلوا الضباط
سوي الناجدة يا جيش واتحد في لامة وقوميتك تفيض فينا وتغطي العامة
لاك الشعب وجع ومراير سامة والحاكم تجبر واتنفخ في هامة
كان هضلم ظلم بي عازة في اولادها ورحمها يوت بينجب في الجنود والقادة
ماتوا الرجال والجيش فقد اوتادها بس غيرهم بكون دام امهم ولادة
جمع الغبش شان سلطة ما هو فراسة وكل الفتن يا ديش بقت من ساسة
الايدهم بقت فوق الجراح نخاسة هم في القصور والميري بكتل ناسها
اقتصبوا البلد بالظلم تلاتة عقود وزادوا الكروش والشعب ناشف عود
كان هم الشعب فوق الكبك مفقود ينكال الرماد في خشمكم هبوت
ديل همهم سلطة وعرس نسوان وشبع البلد في حكمهم توهان
هم والاباليس في الاصل اخوان وانكسرت عشانهم هيبة السودان

مسدار الجيش


#1835722 [مـسـتـر ايــدن]
0.00/5 (0 صوت)

06-17-2019 01:56 AM
اقـتـراح مـقـبـول ولكـن قـبـل ذلك يـجـب عـلى حـمـيـدتى دفـع ديــة كل الـقـتـلـى وبالـدولار " طبعا حـلف السعـودية والأمارات سـوف يـدفع " وبـما لا يـقـل عـن 150 الـف دولار للـقـتـيل وخاصة اذا كان شـابا و 75 الف دولار للمصاب .


#1835623 [مريود]
0.00/5 (0 صوت)

06-16-2019 04:23 PM
حقيقة حرنا.
هناك عقبة كؤود أمام حل كهذا رغم منطقيته وإيلامه ألا وهي وضعية حميدتي. لا أظن أنه يقبل التنازل عن جيشة وأحلام دولته التي يراها على وشك الظهور.
فهنا يجب أن تجهد القرائح.


#1835566 [مغبونة]
0.00/5 (0 صوت)

06-16-2019 12:41 PM
هذه جريمة بشعة ولكن اذا كان لا بد من تسوية فالافضل هو ابعاد المجلس العسكري من الحياة السياسية للابد وذلك بابعاد حميدتي وشركاؤه للاامارات او السعودية بعد تفكيك ميليشياتهم. ولكن من غير المحتمل ان يوافقوا على ذلك الان سيكون الامر اسهل بكثير اذا نجحت المساعي الدولية في ادانتهم بجريمة الابادة او تصنيف الدعم السريع كجماعة ارهابية. ساعتها ستطبق عليهم عقوبات دولية منها حظر الدعم المالي واي نوع من التعاملات وعندها سوف تجد دول الخليج نفسها غير قادرة على تمويل الدعم السريع مقابل جنود او غيره....على الاقل ظاهريا. نتمنى ان يتواصل التصعيد والا يتكاسل السودانيون عن الضغط في اتجاه ادانة المجلس العسكري دوليا عن طريق المنظمات او امضاءات لافراد فهذا ممكن جدا قبل ان يفتر الزخم الخارجي.


زهير السراج
زهير السراج

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة