الثورة السودانية الحال والمآل
06-17-2019 04:32 AM
الثورة السودانية الحال والمآل
من يقود الثورة السودانية؟
ومن هم وقود الثورة؟
وكيف برز إعلان الحرية والتغيير؟
وأين تكمن الإشكالية التي أقعدت بالثورة حتى الآن؟
الإجابة البسيطة تقول بإن تجمع المهنيين يقود الثورة السودانية وقد برز ذلك من خلال التنظيم الرائع للتظاهر ومقاومة نظام الإنقاذ حتى لحظة سقوطه، ومن الواضح لكل متابع إن وقود هذه الثورة هم أولائك الذين أشعلوا كل مدن السودان من خلال حراكهم اليومي في مناطق سكنهم تقديمه الشهيد تلو الشهيد وإنهاكهم لأجهزة الأمن حتى إنهار نظام الإنقاذ.
من هنا يتضح إن ثنائية الثورة السودانية كانت تتمثل في تجمع المهنيين ولجان الأحياء أو ما أتفق على تسميته بلجان المقاومة.
تجمع المهنيين،،،
تجمع المهنيين برز في مواجهة نظام الإنقاذ حين إستلب العمل النقابي وكون ما دعي بنقابة المنشأ، وقد دعا تجمع المهنيين إلى تسليم مذكرة في يوم الأربعاء 19 ديسمبر 2018م تخاطب المجلس الوطني حول الأزمة الإقتصادية وأثرها على العاملين وجموع الشعب السوداني، وقبيل تقديم المذكرة بأيام تحركت بعضاً من لجان المقاومة في الدمازين وعطبرة تنديداً بإستمرار الأزمة الإقتصادية، تلك التحركات قدمت أول شهداء ثورة ديسمبر مما دفع بتجمع المهنيين أن يتوجه بمذكرته ومسيرته نحو القصر الجمهوري بدلاً عن المجلس الوطني، حيث إن الوضع لم يعد أزمة إقتصادية فقط بل رفعت وتيرته لجان المقاومة ليصبح رفضاً كاملاً لنظام الإبادة الإنقاذي.
لجان المقاومة،،،
والآن من هي لجان المقاومة وكيف تكونت، في أعقاب إنفصال جنوب السودان بدأ العمل في تكوين لجان أحياء تعمل في مناطقها لمواجهة لجان السلطة التي كانت تسمى باللجان الشعبية وكان الهدف من تكوين تلك اللجان محاصرة اللجان الشعبية وفضح ممارساتها والعمل على تحسين ظروف المعيشة في الأحياء من نظافة ومتابعة لإستمرار الإمداد المائي والكهربائي و تحسين الإمداد بالمواد التموينية، وقد بدأ تشكيل اللجان من مدينة أمدرمان، مستوعبة شباباً من كل القوى السياسية المناهضة لسياسة سلطة المؤتمر الوطني فكان تضم، الشيوعيين، البعثيين، الناصريين، الإتحاديين، شباب حزب الأمه و بعض من الإسلاميين وبالتأكيد جموع من الشباب المستقلين، أي يجب التأكيد هنا إن اللجان لم تكن تتحدث بإسم جهة حزبية ما، وإن كان هذا لا ينفي بأن هناك من كانوا أكثر نشاطاً وإلتزاماً من الآخرين، وهنا يحق لنا الترحم على الأستاذ تاج السر الذي كان الحاضن الأول لهذا العمل قبل أن ينتشر ليعم كل مدن السودان بل تعدى الأحياء إلى تكوين هياكل شبابية تعمل في مجالات محددة مثل مجموعات دعم المرضى وما إليه.
كانت لجان المقاومة هي المحرك الرئيس لإنتفاضة الشباب في سبتمبر 2013م وقدموا عشرات الشهداء في تلك الإنتفاضة، وقد يكون من أسباب إنخفاض وهج إنتفاضة سبتمبر 2013م غياب الزخم الإعلامي عن الحراك ولكن الأهم من ذلك كان وقوف القوى السياسية موقف المتفرج على الحراك الشبابي بل ولقد حاولت بعض القوى السياسية تخوين شباب الإنتفاضة الذين خرجوا من صلبها، في رأينا إن السبب الأساسي في إجهاض هبة سبتمبر هو غياب التنسيق بين مكونات اللجان العابرة للأحياء، وقد بدأ تدارك من خلال عملية تشبيك لهذه اللجان في أعقاب قمع إنتفاضة سبتمبر 2013م ومن المؤكد إن عملية التشبيك تلك، والتي تمت بنجاح، كانت العامل الفاعل في إنجاح ثورة ديسمبر 2018م.
إعلان الحرية والتغيير،،،
أخطأ تجمع المهنيين حين نظر للحراك الجماهيري من خلال البوابة السياسية تلك التي أقحمت القوى السياسية مباشرة في الحراك الذي قادته لجان المقاومة، ولنا في تعنت بعض القوى السياسية وقتها من التوقيع عليه عبرة، وقد كان حرىٌ بتجمع المهنيين النظر من خلال بوابة الحراك اليومي، ذاك الحراك الذي ضم كل القوى المناهضة لنظام الإنقاذ تحت مظلته، فقد كانت تلك اللجان بحق تحمل في أحشائها أعضاء من كل التنظيمات السياسية المعارضة.،وهو ما كان سيدفع بالقوى السياسية أن تقف خلف عناصرها الشابة التي خاضت الصراع اليومي ضد النظام السابق.
كان حرىٌ بإعلان الحرية والتغيير أن يمهر بتحالف تجمع المهنيين ولجان المقاومة وهو ما كان سيبعد الأحزاب السياسية من الفترة الإنتقالية ويدفع بالشباب إلى واجهة العمل السياسي و ما قد يؤدي لحقاً إلى تغيير كامل في التركيبة السياسية للأحزاب السودانية من خلال الفترة الإنتقالية المقترحة.
الحال والمآل،،،
اليوم رجعت الثورة لمربع النضال الأول ضد نظام الإنقاذ في ثوبه الجديد، وسيظل المحرك الأساسي لهذا المرحلة هم شباب لجان المقاومة، وهو فرصة مواتية لإعادة ترتيب البيت الثورى، قد لا يكون في مقدور تجمع المهنيين إعادة عقارب الثورة للوراء وإعادة كتابة ميثاق للحرية والتغيير، لكن في مقدرة الأحزاب السياسية المشاركة في إعلان الحرية والتغيير أن تؤكد على صدق توجهها في فترة إنتقالية لا حزبية و تدفع بشبابها في لجان المقاومة للعمل مع تجمع المهنيين في قيادة الفترة الإنتقالية.
الدعوة اليوم لقوى اليسار خاصة!، وإعلانها أن تمثلهم خلال هذه الفترة الإنتقالية يتم من خلال شباب لجان المقاومة، حينها فقط سترضخ بقية القوى لتشكيل مجلس ثورة يضم شباب اللجان وتجمع المهنيين في مواجهة سلطة الإنقاذ الجديدة، ومن أوصلنا لهذه المرحلة في مواجهة السلطة الدموية لحزب المؤتمر الوطني قادرٌ على قيادة الثورة السودانية لبر الأمان وتنظيف الساحة السياسية السودانية من رموز النظام البائد. ولتستعد الأحزاب السياسية بعد إنتهاء الفترة الأنتقالية للعب دورها السياسي في سودان معافى حتما أجيال اليوم سترسم خطاه نحو مستقبل نحلم به جميعاً.
د. العوض محمد أحمد
لندن في 16 يونيو 2019م
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
د. العوض محمد أحمد
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|