دخلنا الأسبوع الثالث ونحن محرومون من حقنا في خدمة الإنترنت، وحتى لحظة كتابة هذا العمود، لم “تتكرم” شركة اتصالات واحدة برسالة (SMS) لعملائها تعتذر فيها عن انتهاك الحق في خدمة الإنترنت.
شركات الاتصالات ليست منظمات خيرية، هي شركات ربحية، وفي سبيل ذلك هناك منظومة تحكم العلاقة بين العميل والشركة، والطبيعي جداً لطالما هي شركات ربحية، أن تكون راحة العميل وخدمته هي الأهم على الإطلاق، ليس حباً في هذا العميل، بل لأنه دافع المال، وهذه علاقة طبيعية.
لكن السودان بلد المتناقضات تتعامل فيه شركات الاتصالات مع العملاء كأنها هي العميل والعميل هو الشركة، العلاقة مقلوبة تماماً.
الحق في خدمة الإنترنت والحصول على المعلومة حق دستوري، وفوق ذلك تنظمه طبيعة تعاقد بين الشركة والعميل، الشركة التزمت بتوفير خدمة محددة ومقابل ذلك التزم العميل بدفع مقابل مالي، وهو مدفوع مقدماً في كثير من الحالات.
لا أدري كم هي خسائر شركات الاتصالات في توقف خدمة الإنترنت من جهاز الهاتف النقال، وهناك من يتحدث عن أن المكالمات الهاتفية بإمكانها تعويض الفارق، لكن باي حال فإن هناك خسارة فادحة لهذه الشركات، كيف قبلت بهذه الخسارة لا أحد يعلم.
لا يهمنا على الإطلاق خسارتها أو تعويضها بواسطة المجلس العسكري الذي أمر بقطع خدمة الإنترنت، ما يهمنا فقط هو حقنا في الخدمة التي تعاقدنا عليها مع هذه الشركات، عطفاً على حقنا الدستوري.
حتى الآن لم تتبنى جهة خط تصعيد ضد هذه الشركات التي لم تكتف فقط بقطع الخدمة المتعاقد عليها، بل لم تكلف نفسها باعتذار لعملائها ولا توضيح حتى لو كذباً ففضلت الصمت، فهي الآن بجانب أنها منتهكة للحق الدستوري والقانوني هي شريكة مع المجلس العسكري في جريمة تغييب المعلومة.
أمس منعت السلطات الأمنية مؤتمراً صحفياً لجمعية حماية المستهلك بعنوان حول الحرمان من الحق في الإنترنت والمعلومات، المؤتمر حسبما علمت كان سيعلن عن حملة مقاطعة لشركات الاتصالات، مع مسار قانوني لمقاضاتها.
إذا نفّذ المواطنون حملة مقاطعة شاملة وموحدة ضد كل الشركات وتم تحديد ساعات خلال اليوم، أو ليكن يوماً كاملاً بلا مكالمات، وأعتقد من المناسب أن يتبنى تجمع المهنيين هذه الحملة التي سوف تكبّد شركات الاتصالات خسائر فادحة.
ولا ينبغي أن نكتفي فقط بحملة المقاطعة، لا بد من مقاضاة هذه الشركات وتعويض العملاء على وجه خاص الذين تضرروا بشكل مباشر من قطع خدمة الإنترنت.
شخصياً سوف أشرع في مقاضاة شركة زين وأدعو الجميع لذلك.
المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.