السياسة عَلى الْمرء أن يُظهر قوَّته حتَّى لا تُضطر لاستعمالها
عَلى الْمرء أن يُظهر قوَّته حتَّى لا تُضطر لاستعمالها
06-25-2019 01:03 PM
عَلى الْمرء أن يُظهر قوَّته حتَّى لا تُضطر لاستعمالها
يقول الفيلسوف جان بول سارتر (عَلى الْمرء أن يُظهر قوَّته حتَّى لا يكون مُضطرًّا لاستِعمَالها)، كم نحن في حاجة لاستيعاب هذه المقولة، لأننا دائماً ما نمارس سلوك الزاهد المتصوف مع من يستحق ومن لا يستحق، إلى أن نكتشف أن الطرف الآخر يتعامل معنا بمنطق استغلالي يفترض فينا السذاجة والغفلة، حينها فقط نبدأ في ممارسة القوة الغاشمة والانفعال الفائض فتتحول المشكلة البسيطة التي كان من الممكن تفاديها لو أننا أبدينا بعض الغلظة المنضبطة منذ البداية إلى معركة دفاع عن الكبرياء وعزة النفس وتاريخ جدودنا زمان.
تبرز هذه السمة وتصبح أكثر وضوحاً خارج حدود الوطن، لأنها في الداخل تدخل في حكم المعتاد والطبيعي، لذلك تجد أن الصورة النمطية للسوداني (Stereotype) في أذهان غيره من العالمين، أنه متسامح جداً و (طيب) جداً إلى حدود التنازل عن حقوقه، وفي نفس الوقت قد يشتط به الغضب إلى تخوم الجنون فتنهار كل سياقاته الحضارية، ويعود بدوياً يتمنطق سيفه مردداً قول عمرو بن كلثوم (أَلاَ لاَ يَجْهَلَـنَّ أَحَـدٌ عَلَيْنَـا, فَنَجْهَـلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَـا)، يبدأ الخلاف بارداً ومتسامحاً وينتهي عراكاً ساخناً، بلا توسط يحقن ماء الوجه ويحفظ الكبرياء.
المجلس العسكري يمتلك القوة العسكرية والمفاوض يمتلك القوة الجماهيرية التي أتت بالمجلس العسكري (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، فلا بد من المداومة على إذكاء (تُقابة) ضغط الجماهير بوقود الحقائق، ففي ذلك قوة وسلامة للمفاوض من الاتهام بالتفريط، فحال الجماهير أصبح كحال المصلي الذي يؤمِّن على دعوات الإمام دون أن يسمع صوته ثقةً في عدالته، فلا تقهرونا، مازال الأمل معقوداً للوصول إلى نهايات مرضية، والثورة سجال وفعل مستمر، وأي حرب وان اشتد أوارها لا بد أن تنتهي إلى طاولة التفاوض، ولكن حذاري من العفوية والتلقائية والزهد في غير محله فيما لا تملكون لمن لا يستحق:
إذا قيل حِلماً قال للحلم موضع ****وحِلم الفتى في غير موضعه جهل
واتقوا لعنة الجماهير أيها السادة فهم في نهاية الأمر أصحاب الجلد والرأس، فما خرجوا وما ماتوا إلا لتكون لهم قيادة سياسية محنكة تحفظ كرامتهم وكبرياءهم، وكما خرجوا أولاً سيخرجون ثانياً وثالثاً..!!!
المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.