المقالات
السياسة
السودان القديم ... يترنح
السودان القديم ... يترنح
07-02-2019 01:14 AM

السودان القديم .. يترنح

السودان بلد مأزوم .. بصراع بنيه علي السلطان وطمع الجيران في خيراته الحسان ومساحات شاسعات وأطيان وقلة في السكان وعظمة في الموارد وعبقرية مكان وعبق تاريخ والزمان.

ولا أدلَّ علي أزماته من غياب دستور دائم متفق عليه بعد ثلاث وستين عاماً من استقلاله فسرنا بلا هدي ولا كتاب منير أو أجهزة حكم رشيد مستنير يكون عليها التعويل
وامواردنا مهدورة وصراعنا علي أشدّه عليها فلا نهض السودان ولا استغني أو تيسرت له اليسري بل ما كاد ينفك من عسر إلا تيسرت له عسري تطبق عليه بحبائلها فإذا استجار لا يُجار وإذا استغاث لا يُغاث وإذا شيك فلا انتكش .

ومن العجاب العجيب أن يتطبب السودانيون في بلد عرف أول كلية طبابة فيه بعد خمسة عقود من طب جامعة الخرطوم

ويهاجر السودانيون كل يوم من موطنهم الغني الثري الذي تجري من تحته الأنهار ويزدان باطنه بالتبر وكريم الأحجار وتشرق فيه شمس حرّاقة يمكنها أن تحيل ثلج القطبين ماءاً زلالاً وظلام الأرض نوراً يهدي به الضلّال ويحيل ظلام إفريقيا إلي نور مبين

وأرضنا منبسطة الأسارير ومطروحة الجبين كسرائر الصالحين النقية

وعشيرة السودان تضيق ببنيها.فيهاجر أهله إلي صحارٍ قاحلة كانوا يطعمون قاطنيها في غابر أيامهم ويعينونهم في بناء أوطانهم التي تفجرت ينابيع نفطية فحوّلوا قاحل مفازاتها قمحاً ووعداً وتمنٍّ وساهم بعضنا في إقالة عثرات تلك المشيخيات فصارت دولاً يُشار إليها بالبنان.

وآخرون من أبنائنا آثروا ركوب عباب البحر غير هيابين في رحلة مجهولة العواقب والنهايات تهون فيها أرواحهم وتصارع أجسادهم النحيلة عتيّ موجات بحر الروم وبحور الظلمات.

ثلاثون عاماً من حكم عضوض قصَّرت خطي السودان وجعلته يمشي الهويني ظالعاً متعثراً - وكانت البداية بعثاً للإسلام وعنفواناً وجهاداً وفتوحات
ثم استحالت ملكاً عاضّاً منتناً وصراعاً أنانياً علي جاه ونفوذ وصولجان واقتتالاً إثنياً بين الفقراء علي الموارد الضئيلة وكلأ الأرض المجدبة وعشبها
وفساد بعض الحاكميه زكَّامٌ للأنوف مسمّم للأجساد التي استكانت واثّاقلت إلي أرض الخنوع المجروحة بجرح غرغريني غائر علي خاصرة الوطن المنقوص بانفصال بعضه منه
ومنقوص في سيادته ابتذالاً بجيوش أممية وجنّود أمميين زرق الخوذات زرقة مطرية يهواها شبابنا الثائر غضباً علي ثروات منهوبة
وزعاماتنا تتكيء علي منسأة معطوبة وفوق ذا وذاك فهي مطلوبة للعدالة الدولية
ويُنتقص الوطن كل يوم في حرياته المبخوسة
وأفواه شجعانه مكمومة فغادر كل مقتدر علي الارتحال ميمماً شطر المجهول يفر من أرض الأجداد كفراره من مجذوم أو هزبر ذي سطوة همهوم هاضوم

وكان من نصيب إسلاميي السودان المتشاكسين آخر قصعة السودان القديم فصاروا آخر الآكلين وأوائل المتقيئين
استيقظ الوطن علي دعوات المهدي ثم من بعد غَلَبِهم غُلبوا آناً وحيناً من الزمان
وجاء شركاء الاستقلال المتنافسون ومالهم بالحكم دراية فما رعوه حق الرعاية وسلََموه غض الثمار لقائد الجيش المغوار وصحبه الأخيار فعاثوا في الديار ما عاثوا وأكثروا فيها الفساد وأساءوا عندما ظنَّوا انَّهم يحسنون صنعاً
حتي اختطفه باز ٌقوي مغوار مسنود بمكر كُبّار فبدّل فيه وغيّر ثم استدار الزمان دورته فهداه الله إلي نهج الهدي فأوقد في مشكاته مصباحاً يكاد زيته يضيء من زيتونة لا شرقية ولا غربية واستعْصَي علي العاصين أن يطفئوا نور الله المبين
ثمَّ قيَّض الله لنا مدداً من عنده ليقيموا الحق والدين هداة منقذين ثمّ تشاكسوا وتنازعوا حتي ذهبت ريحهم

وخرج لنا الآن ثوّار وفوّار رائعون خفاف لطفاء ذوو ظرف وفهوم وفنون في الاتصال والوصال والعلوم - أدركوا ببصيراتهم أن قاطرة السودان تنحدر إلي قاع جبٍّ في وادٍ غير ذي زرع ولا ضرع وتقذُّ السير نحو غيابته ولن تخرج منه أبداً حتي وإن أدلي السيارة بدلائهم أو عادوا خائبين ببضاعة مزجاة.

نرجو ممن يقيّض الله لهم حكم بلادنا أن يعملوا علي تجميع صفوفها وتوحيد قلوب أهلها وجمع اللحمة والرحوم وتطييب الخواطر مع عفو الخاطر والعفو والسماحة
وعلي جميع نجباء السودان مهما اختلفت مشاربهم وآديلوجياتهم الدالجات أن يتواضعوا علي خطة ونهج يسير عليه الخلف ولا يحيدون عنه إلا لخير منه لا يضير من الحاكم والمحكوم

ونودِّع سودان التدابر والتشاكس وصراع ذوي الأهواء وتضيء لنا شموع السودان الجديد سودان الحرية والسلام والعدالة ويقود قاطرة الأماني شباب يأوي إلي ربِّ العالمين العاصم من الضلال والزلل ويزدهر السودان كأزهي ما يكون مزداناً بالحلي والحلل وتتعلق به قلوب أهله الوالهين عدلاً ونوراً وكفاية وخيراً وفيراً
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين

بابكر إسماعيل
[email protected]





تعليقات 5 | إهداء 0 | زيارات 723

خدمات المحتوى


التعليقات
#1840735 [بابكر إسماعيل]
0.00/5 (0 صوت)

07-07-2019 06:48 PM
هذا رد علي المدعو - قنوط ميسزوري
لم يدرس معي أحد بهذا الاسم
وإن كنت زميلاً لي وتعرفني فمن الشجاعة والرجولة أن تكتب باسمك
ولأري إن كان تعليقك يستحق الرد عليه - أما التخفي تحت الأسماء المستعارة
والإساءة للرجال فليست من شيم الرجال ولا تستحق الرد عليها

د بابكر إسماعيل


#1839606 [قنوط ميسزوري]
5.00/5 (1 صوت)

07-03-2019 09:42 AM
الذين ساقوا النساء والبنات الأسيرات في مجزرة فض إعتصام القيادة العامة لم يجدوا مكاناً أقدس وأطهر من مسجد الجامعة ليؤدوا شعيرة إستحلال السبايا في نهار رمضان، وأكيد أنهم مسلمون وإغتسلوا وصلوا الظهر بعدها! هذا ما قصدته من قصة وعقدة كاتب المقال ستروْن مثل هذا الإنحراف السلوكي والإنفصام الروحي حتى في معلم القرآن الذي يغتصب تلميذاته. فلا داعي الطهرانية المخادعة وإنتبهو جيداً لتجار الدين


#1839491 [Civic_revolt]
0.00/5 (0 صوت)

07-02-2019 08:46 PM
الأخ المسمي نفسه قنوط الميزوري
تعليقك غير موفق إذ يبدو أنك هنالك خلاف مع كاتب المقال وليس الرد عليه بهذا الأسلوب في موقع إلكتروني محترم هو شيء كريم
كان الأولي أن نعرف رأيك في طرح الكاتب الفكري وليس عن تاريخه الشخصي قبل ما نحن نتولد
والكاتب ذكر حقائق كانت مفيدة لي شخصياً


#1839306 [فواز المرضي]
0.00/5 (0 صوت)

07-02-2019 09:05 AM
حقو ترتقوا بمستوي الطرح الفكري وتخلونا من صراعات الطلاب وانتو علي مشارف القبور
مرهتونا السودان - مدنياوووا


ردود على فواز المرضي
Iceland [قنوط ميسزوري] 07-02-2019 05:32 PM
إنت بتقرأ ما يكتبه هذا الكوز أم جاي ناطي ساي؟ طيب نلخص ليك كلام هذه الحية السامة: 1/ يمجد في نميري بعد هداه الله وأقام شريعته 2/ يمجد في الجبهة الإسلامية (الكيزان) أن قاموا بإنقلاب يونيو 1989 لتثبيت الدين الحق لولا أن ذهبت بهم خلافاتهم(يعني لا ثورة لا غضب) 3/يتمنى من الجيل الجديد المواصلة في التمسك بنهج الكيزان (يسميه حبل الله) لا ينطفئ نور الله المضاء بزيتونة لا شرقية ولا غربي - هكذا
يعني بصراحة ناس عبد الحي أكثر صراحة من هذا الجبان المتلصص تحت السلالم كان ولا زال


#1839225 [قنوط ميسزوري]
5.00/5 (1 صوت)

07-02-2019 03:19 AM
هذا الكاتب كوز وكان أيام كان طالبا في كلية الطب بجامعة الخرطوم يقف أسفل سلم المكتبة ليتلصص ويرى لون الملابس الداخلية لأخواته الطالبات، وكبر وإزداد كوزنة ولا تزال رؤيته لأي شيئ في حياته تنم عن سلوك منحرف لا يرى في أي شيئ إلا لذة=مكسب أو ألم=خسارة


ردود على قنوط ميسزوري
United Kingdom [فواز المرضي] 07-03-2019 02:27 PM
من حقك تنتقد المقالة ومن حقك حرية التعبير بذوق وادب
وهو أيضاً تحدث عن أخطاء الإنقاذ وفصل الجنوب والفساد
الفكرة نحن الشباب عايزين نستفيد منكم وأنتم في الستينات والسبعينات من العمر
ونندهش بمستوي ضحل احيانا وعداوة منذ عهد الجامعة
عشان كدة جيلكم دة لا يستحق يحكم هذا الشعب
وأرجو أن تكفوا عننا بذاءاتكم وخلافاتكم المضحكة والشباب يضحوا بأروحم كل يوم ويموتو
وانتو عايزين تفرضوا خلافاتكم ومشاكلكم علي الجميع
مع احترامي وتقديري لكم


بابكر إسماعيل
بابكر إسماعيل

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة