المقالات
السياسة
لماذا الموقف "المتشدد" من قوى الحرية
لماذا الموقف "المتشدد" من قوى الحرية
07-03-2019 10:10 AM

لماذا الموقف "المتشدد" من قوى الحرية

فى مشاهدتى لبعض القنوات العربية المحسوبة على المحور الاقليمى اياه ، يغيظنى حديث من يؤتى بهم ليرددوا الاسباب الممجوجة يبررون بها مواقف المجلس الانقلابى من عدم تسليم السلطة لقوى الحرية ، والتى يمكن تلخيصها فى القضايا التالية :

الأتجاه الأقصائى للآخرين من طرف قوى الحرية .

خوف قوى الحرية من الأنتخابات ، وبالتالى تمسكها بفترة انتقالية طويلة بدون تفويض شعبى لايكون الا بالانتخابات .

ضرورة وجود السلطة ، او مفاصلها الأساسية فى يد المجلس العسكر لتفادى المخاطر الأمنية التى لايستطيع مواجهتها غير المجلس .

ألاحظ من ناحية أخرى أن الطرف الآخر الذى يؤتى به ليمثل قوى الحرية غالبا ما يتحفظ على دمغ المجلس الانقلابى بما يجب ان يوصف به ، وقد أصبح معروفا لدى الكافة ومبرهنا عليه بأفعاله وأقواله المتضاربه ، وذلك بسبب امل قوى الحرية فى ان الأعضاء الذين استقرت عليهم عضوية المجلس بما فيهم حميدتى ، قد يتفهمون من مجريات يوميات الثورة انها ماضية لتحقيق أهدافها فى نهاية الأمر ، وخصوصا بعد التصريحات الايجابية والاتفاق الذى وصل الى 90% من ماهو مطلوب . غير أن استلامه للسلطة بوضع اليد ، ثم ثباته فيها باللف والدوران وكسب الوقت والاعتماد على الدعم الخارجى والداخلى من أعمدة النظام الماضى التى لازالت تتحكم تماما فى كل مفاصل الدولة وكذلك من المترددين فى صفوف قوى الحرية الذين يمنحون الأمل للمجلس بامكانية تفتيت الوحدة على الطريقة التى مارسها البشير طوال الثلاثين سنة الماضية ، قد جعلته ينحو ذلك النحو الذى " حدث فيه ماحدث " مماهو معلوم للجميع.

وأرى انه لوضع النقاط فوق الحروف بحيث يصبح فهم ما يفعله المجلس العسكرى واضحا ، وبالتالى ليصبح أيضا مفهوما موقف قوى الحرية الذى أصبح يوصف من الاطراف المعادية بالمتشدد ، فلا بد من اعطاء المجلس وصفه الحقيقى ، وهو :

انه ، كما نقلت عن الصحفى الاسلامى فى مقابلته الشهيرة بقناة أمدرمان ، الأستاذ عبدالحميد عبدالماجد ، انقلاب اسلاموى متفق عليه فى خطة ذات مراحل ، كانت مرحلتها الأخيرة الأتيان بالبرهان ! وقد قال الاستاذ وقتها انه كان غاضبا بسبب انه لم يبلغ بهذا الانقلاب مثل ما حدث فى حالة انقلاب الانقاذ " لمزيد من تفاصيل حديث الاستاذ الكاشف لحقيقة المجلس يمكنكم الرجوع الى مقالى بعنوان (الاسلاميون خدعونا .. والشيوعيون هزمونا هزيمة ساحقة ) أو الى المقابلة بقناة أم درمان "

فاذا كان الأمر كذلك فان النتيجة الحتمية تصبح ان المجلس لن يسلم لحكومة مدنية تكون السيطرة فيها لقوى الحرية . وهنا أتذكر تصريحا من تصريحات القائد حميدتى حيث قال : الجماعة ديل لو سيطروا على التشريعى حيطلعوا قوانين تودينا كلنا فى داهية ، او ما معناه . الا يفسر هذا تمسك المجلس الاخير بضرورة تغيير النسب التى اتفق عليها سابقا فى تكوين المجلس التشريعى ؟!

وهنا لابد من اضافة ان المجلس المحمل بتبعات من انقلب عليهم لأجلهم (!) قد ارتكب من الجرائم فى اقل من نصف سنة مالم يفعله البشير طوال ثلاث عقود حكمه، فهل من الممكن ان يسلم الحكم ومعه الرقاب ؟!

هذا ، فى ظنى ، هو السبب الأول "لتشدد "موقف القوى التى انقطع أمل حتى من كان يؤمل منها، فى الوصول مع هذا المجلس الى اتفاق بالتسليم . لذلك قررت ترك الباب مواربا تجاه التسوية المقترحة من الجانب الافريقى ، وفى نفس الوقت التمسك بالتصعيد الثورى ، الذى هو العامل الرئيس فى "تكريب " كل المواقف وأهمها الوصول بالثورة الى تحقيق أهدافها النهائية مهما طال الأمد .

ومن الواضح من رأى جماهير الثلاثين من يونيو المعبر عنه فى شعاراتها انهم توصلوا الى ان الحل فى اسقاط المجلس العسكرى برمته وغضه وغضيضه . اما اذا انتقلنا الى الأسباب التى يوردها القابضون على " الظروف " المستجد منها والقديم ، دفاعا عن المجلس الانقلابى ،فنرد :

بداية بقصة الاقصاء التى تم الرد عليها كثيرا من قبل ممثلى القوى ، لكنى أسال القائلين بها :

هل من يتم اقصاؤهم هم جماعة الشعبى والاصلاح والخال الرئاسى وابوقردة وأمثالهم من الذين ولغوا فى ماعون الانقاذ حتى مساء العاشر من ابريل ولايزالون بسسب تغاضى المجلس الانقلابى ؟ ان كانوا هم من تقصدون فهم مقصيون بالضرورة لأنهمم من اسباب المصيبة وبالعقل – كدة – لايمكن ان يسهموا فى درأها. ومع ذلك فقد تمت لقاءات بينهم وبعض ممثلى القوى " سى سى دارفور وموسى الشرق ". ولكن صرح السى سى بعدها بأن وصول أحد ابناء دارفور للمنصب الثانى فى المركز لأول مرة فى تاريخ السودان " ويعنى حميدتى " يحسب للنظام الموجود " أى نظام المجلس الانقلابى ، فتصور ثم تصور !!

ومع ذلك فأن الأتفاق الذى تراجع عنه المجلس كان يترك أكثر من 30% للقوى الأخرى ، غير ان المجلس يريد 50% ويمكن ان يشترى فوقها نسبة أخرى ليتفادى شرور القوانين " اللى بتودى فى داهية " !

وعن نقطة الدفاع الثانية عن المجلس وهى قصة خوف القوى من الانتخابات ، ففيها ملامسة لجزء من الحقيقة ، وهو الخوف ، وان كان لأسباب مختلفة تماما عما يظنه ويريده المدافعون :

السبب الأول للخوف هو وجود النظام الماضى جميعه بدون الرأس القديم وبوجود رأس اسوا ، المجلس الانقلابى . الخوف ، بل المؤكد ان انتخابات عاجلة ستاتى بالنظام القديم ، وهو مايريده ويسعى اليه القابضون على "الظروف " أو "الحارين القبض "!

الأحزاب الموجودة ، وباعتراف المدافعين القابضين ، ليست فى وضع يمكنها من الاستعداد للأنتخابات بعد ثلاثين سنة من التفتيت والبيع والشراء والمنع من الكلام والاجتماع والكتابة والتفكير ، وبعد اربعة شهور من القتل والسحل ورمى الجثث فى النيل وشراء شركات التلميع بملايين الدولارات ..الخ ، وهو ايضا الوضع الأمثل لأنتخابات أكثر "خجا " مما كان !

هل يمكن اجراء انتخابات حقيقية فى دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان وهى لاتزال مناطق حرب ؟ لايقول من الممكن ذلك فى الظروف الحالية الا الذين يعرفون تنظيمها " وخجها " فى الظروف المماثلة خلال الثلاثة عقود الماضية .

ولابد هنا من كلمة حتى لبعض التقليديين الذين يظهرون ميلهم لقصة الانتخابات العاجلة ظنا منهم ان الوضع فى مناطقهم التى كانت تمثل دوائر انتخابية مغلقة لاتزال كماهى ! لاتحلموا كثيرا حتى لوجرت الانتخابات العاجلة . والدليل هو الملايين التى خرجت فى تلك المناطق البعيدة عن تأثير مركز تجمع المهنيين !

اما نقطة الدفاع الخيرة من قبل القابضين فهى ضرورة وجود المجلس العسكرى من اجل ضمان الأمن ، وهى فى الحقيقة نكتة وبايخة وذلك للاسباب التالية :

أولا : المجلس العسكرى ، بما أوردنا من توصيف يضعه كأمتداد اسوأ لنظام الانقاذ ، ليس لديه ما يجعله مؤتمنا على الأمن ، فهو حتى لايمثل تمثيلا تاما للجهات الأمنية الموجودة على علاتها : جهاز الأمن بما يمتلكه من قوة عسكرية لايتبعه ، فقد خرج قوش بعد ان منع النائب العام من اعتقاله بدون علم أو موافقة رئيس المجلس . الدعم السريع وقائده هو الحكومة الموجودة بوضع اليد بدليل ان كل أعضاء المجلس لايتحدثون عن أى موضوع الا بعد الثناء والشكر للدعم وقائده . أما جيش "الهنا" فجزء منه منزوع السلاح وجزء آخر لايعرف أحد مصيره بعد ان وقف بشجاعة فى حماية المعتصمين قبل ذبحهم بواسطة الجهة غير المعروفة للمجلس الذى يدعى ان وجوده على رأس السلطة ضرورى للمحافظة على الأمن .

ثانيا : لقد برهن برهانا قاطعا ، وبقيادة البرهان ، أن المجلس لايمتلك حتى تعريفا واضحا لماهية الأمن الذى يدعى ضرورة وجود السلطة بين يديه للمحافظة عليه : هل يعتبر البلد آمنا ولاتزال جرائم القتل والاغتصاب والسرقة بالاكراه حتى لطعام الحفلات ورمى الجثث فى الأنهر والخيران وحيثما يكون ثم رفض النيابة العامة مجرد المجئ لألقاء نظرة على جسم ومكان الجريمة ..الخ ..الخ ؟

وأخيرا من قال أن القوى الأمنيه ستمنع من القيام بدورها عند قيام الحكومة المدنية ؟ على العكس تماما ، ان كان المجلس يسعى بالفعل للقيام بدوره الحقيقى فى نظام ديموقراطى ، فهو بالاضافة الى مشاركته المتفق عليها فى المجلس السيادى سيحظى بحقيبتي الدفاع والداخلية وهما المشرفان بشكل مباشر على الشئون الامنية وكذلك يشاركان فى وضع السياسات المؤثرة على الأمن فى كل مجالات الدولة الأخرى . وهكذا يصبح لاتفسير لمطالبة المجلس بوضع قيادى فى الفترة الانتقالية ، حتى لوكان بعيدا عن مواصفاته المذكورة، الا اذا كانت هناك امور أخرى فى نفس يعقوب يظن انه لايعرفها غيره !

وهكذا نصل الى حقيقة ان هذا المجلس العسكرى من خلال توصيفه الحقيقى ، الذى امتنع ممثلو قوى الحريه عن وصفه بها وهم يعلمونها ، حتى تكشفت من نفسها من خلال افعال المجلس ومن خلال تناقض أقوال وأفعال اعضائه بسبب انتمائاتهم المتنوعه ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ..) ، انه لايمكن ان يصل لأتفاق يتم من خلاله تسليم السلطة لمدنيي قوى الحريه ..وبالتالى يصبح " التشدد " من قبل القوى الذى يجعل السلطة تنتزع انتزاعا :هو الحل .

عبدالمنعم عثمان
[email protected]





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 642

خدمات المحتوى


التعليقات
#1839651 [ود البلل]
5.00/5 (1 صوت)

07-03-2019 01:49 PM
والله حكاية عجيبة، الخبير الفلاني والمحلل الفلتكاني لسؤال إجابته في غاية البساطة.
قوى التحرير متشددون لأنه نحن عايزين كدة نحن شعب السودان وإذا خالفنا القادة الذين أوليناهم ثقتنا رميناهم واستبدلناهم بخير منهم.
والموضوع اللافين حواليه سواء المجلس العسكري أو القنوات الفضائية المحلية والأجنبية وما فيهم واحد عايز يقولو عديل هو ماذا يريد الشعب.
علشان كدة الكضب والنط من الاتفاق وحركات الملوص كلها هروب من سؤال الشعب عايز شنو؟


عبدالمنعم عثمان
عبدالمنعم عثمان

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة