لا "حميدتي" ولا جنجويده سودانيين: استقراءات الأستاذ محمود لا تتخلف (٢)!!
07-10-2019 05:21 AM
لا "حميدتي" ولا جنجويده سودانيين: استقراءات الأستاذ محمود لا تتخلف (٢)!!
كنت أتعجب من العنف العنيف في ضرب المظاهرات أول أيامها، كما فوجئ بذلك كل العالم.. الوحشية المفرطة في ضرب المتظاهرين الرافعين شعار السلمية أثارت الاستفهام هل يمكن أن يكون هؤلاء اللئام سودانيين؟ يضربون بغيظ وحنق، بالأيدي والأرجل، بالعصي والسياط وبالرصاص الحي، في الرأس والظهر والبطن، رجلا كان أم امرأة، لا يهمهم مات الشخص أو انفجر أو انشق.. ومن المشاهد المحدودة التي تسربت عن المذبحة ظهر العجب العجاب؛ التمزيق والاغراق والقذف في النار.. الرمي من أعلى الجسر، والحرق بالغازات المشتعلة، وقذف الجرحى والمصابين في النار المشتعلة.. استمر عملهم أربع ساعات متواصلة حتى توقف صراخ "سلمية سلمية".. وهذا من غير الكلام عن اغتصاب السودانيات في مسجد الشؤم..
أورد محمد فضل الباحث في أوضاع دارفور أن ٨٠٪ من قوات الدعم السريع جندت من تشاد والكمرون والنيجر ونيجريا وغيرها من بلاد الساحل.. وطبعا الأخوان المسلمون هم من خلق هذا، خطّط، وموّل، ووظّف كل هذا الضير والمضرة.. وهم كانوا، وما زالوا، المفسدين لحياة السودان ويتطلب اجتثاث أخربتهم جهودا معقدة، فهم الآن أرباب البنوك والشركات والصناعة والتجارة والاعلام وكل أدوات الدولة.. الأستاذ محمود قرأ الأحداث كأنها كتاب مفتوح، قال عبارته الجامعة (يفوقون سوء الظن العريض) وهي تعني أنه مهما مددت لخيالك في تصور السوء من قتل، أو سفك دماء، أو سرقة، أو جريمة أو تجارة مخدرات ... مهما مددت لخيالك، فهم أسوأ من أوسع تصوراتك.. قال في الستينات (الجنيه السوداني يبقى زي صفق النيم، لو لقيتو واقع في الشارع ما ترفعو) وذات يوم وعند فتح دار كانت مغبرة وأثاثها مكسر وعليها العنكبوت قال – ما معناه—(هكذا سيصبح السودان يوما).. وقال (يتعب الناس لحدي ما يطلعوا في الشوارع يجعروا متل البقرة الرايح ليها جناها)!! ونقل له مشهد رجل كبير السن يجلد والقاضي واقف والناس يكبرون، فقيل له "غريبة السودانيين يعملوا كد!" فرد: (ديل ما السودانيين، ديل الأخوان المسلمين!)..
نحمد لله الاتفاق الأخير خرج بنا إلى منطقة جديدة، وسلم أبناءنا من القتل والتمزيق بعون الله، ونبارك التوقيع، ولكن تفكيك جنايات الأخوان المسلمين وبؤر فسادهم ليس أمرا ميسورا فهم كعهدهم يتلاعبون بورقة الدين، وكأنهم صالحين.. وهذه أيضا قالها الأستاذ محمود حين سأله إعلاميون مصريون عن رأيه في تنظيم الأخوان المسلمين: (أنا بفتكر أنهم ما بعرفوا الدين، بالمرة.. بل الحقيقة أنهم هم فتنة برضو... الجمعيات العنيفة دي والتظيمات العنيفة كلها نابعة منهم هم.. فإذا كان هم جو للسلطة، يفسدوا اكتر من أي واحد تاني.. ويفسدوا كمان باسم الدين.. أحسن الحاكم البيفسد بإسم الشريعة الوضعية والعلمانية، ... لأنو البفسد باسم الدين بدوِّخ الناس كلهم وبخدِّرهم بنشر الدين... وبحارب الآراء الحرة والآراء الواعية، ما دام هي ما لمصلحته، بحاربها باسم الدين).
المؤرخ جيرارد برونير مؤلف كتاب "دارفور: الإبادة العرقية الغامضة" في حوار مع قناة "فرنسا٢٤" الناطقة بالإنجليزية عدد من الأسئلة حول وضع السودان الحالي وحول "حميدتي" كمتهم في جرائم حرب ومطلوب للمحكمة الدولية قال: (نعم هو الذي يملك المقدرة على التدخل والتأثير، وهو رجل حرب اليمن، وتحت إمرته الآن حوالي أربعين ألف من الجنود) ثم استدرك (لا أدري إن صح أن نسميهم جنود لأن غالبيتهم أطفال).. وحين سئل (هل هو الخليفة في قيادة الجنجويد؟؟)، أجاب (وأيضا هذه يصعب قولها فهو "استنساخ جديد" وهو المغذي لآلة حرب اليمن، ودولة الأمارات تقف خلفه وتبدو هي المسيرة للموقف الآن).. ثم حينما سئل هل هو المسئول الأول في شئون السودان الآن، أجاب (وهذا أيضا صعب الإجابة عليه لأن الرجل لديه أولوياته الخاصة به، فهو الآن على رأس تحول عملاق يشمل منطقة الساحل كلها.. والقوات الموجودة حاليا في الخرطوم من النيجر ومالي وأفريقيا الوسطى ونيجريا ومن جماعة بوكوحرام وباختصار كأنما أفرغت كل شعوب الساحل من عناصرها الدميمة والبشعة ليفسد بها السودان.. وهو نفسه شادي بالمناسبة ورئيس هيئة أركان الجيش الشادي ابن عمه).. هكذا أكدها المؤرخ الخبير في المنطقة..
لقد سعى الأستاذ محمود منذ وقت مبكر لتنبيه السودانيين لسوء ولؤم الأخوان المسلمين.. فأطلق حملة ضد نشاطهم عام ١٩٧٨وكتبت ثلاثة كتب باسم "هؤلاء هم الأخوان المسلمون" وقد ورد في مقدمة الكتاب الأول: (إن تنظيم الأخوان المسلمين، من حيث الفكرة، إنما هو صورة للفهم الديني الذي تقوم عليه، اليوم، سائر الدعوات الإسلامية، كالطائفية، والوهابية.. وسائر المؤسسات الدينية: كالأزهر، ورابطة العالم الإسلامي، والجامعات الإسلامية، وكليات الشريعة، ووزارات الشئون الدينية.. وتلاميذ هذه المؤسسات من الفقهاء، والقضاة الشرعيين، ومعلمي مناهج الدين.. فتنظيم الأخوان المسلمين لا يختلف عنها الا من حيث أنه تنظيم له فعالية الحركة "المنظمة" في السعي الى إحراز السلطة لتطبيق فكرته.. ولذلك قامت بين هذا التنظيم وهذه الدعوات، والمؤسسات الدينية علاقات عضوية، لا تتفاوت الا بين درجتي التعاطف، والتحالف).. وهذا ما ظهر جليا في توظيف هذه الأجسام لخدمة الأغراض السياسية ورئاستها فيما سمي بهيئة علماء السودان، بينما هم المشارك بالنصح والتأييد لتنفيذ المجزرة..
والمقولة الشهيرة للأستاذ محمود، والتي يرددها الناس ويتفاءلون بها تقول (من الأفضل للشعب السوداني أن يمر بتجربة حكم جماعة الهوس الديني. وسوف تكون تجربة مفيدة للغاية. إذ أنها بلا شك ستبين لأبناء هذا الشعب مدى زيف شعارات هذه الجماعة. وسوف تسيطر هذه الجماعة على السودان سياسياً واقتصادياً حتى ولو بالوسائل العسكرية. وسوف يذيقون الشعب الأمرين. وسوف يدخلون البلاد في فتنة تحيل نهارها إلى ليل. وسوف تنتهي فيما بينهم. وسوف يقتلعون من أرض السودان اقتلاعاً.).. هذه الفتنة التي تكلم عنها الأستاذ محمود ربما تفهم على أنها الخلاف بين جماعة المؤتمر القومي والمؤتمر الشعبي، لكن ربما تعني نزاعا، لم يتم بعد، فيما بينهم.. ثم ربما لا يطيقون هذا الاتفاق، فينكثوا عهدهم، ولكن، بإذن الله (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)..
د. مصطفى الجيلي
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
د. مصطفى الجيلي
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|