المقالات
السياسة
يا مجلس عليك بالحسم
يا مجلس عليك بالحسم
07-27-2019 07:19 AM

يا مجلس عليك بالحسم

عندما استولى رموز تنظيم الجبهة الاسلامية القومية على الحكم عبر انقلابهم العسكري المشؤوم , شرعوا مباشرةً في تصفية الدوائر الحكومية والخدمة المدنية من الكادر المهني المستقل وغير الحزبي , و أحالوا كثيرين من القيادات العسكرية والأمنية الى الصالح العام , واستعاضوا عنها بالكادر الجبهوي المنضوي تحت لواء تنظيم الجبهة الاسلامية , عملية الاحلال و الابدال هذه استمرت طوال عهد حكمهم المجحف للبلاد , وبرغم الخلافات التي حدثت بين تياراتهم المختلفة الا انهم ظلوا ممسكين بشعرة معاوية فيما بين جميع مكوناتهم المتشاكسة و المتنافرة , فلقد كان الراحل الدكتور حسن عبدالله الترابي المعروف بعدائه السافر لتلاميذه الممسكين بمقاليد السلطة , كان لا يريد بديلاً للنظام الذي أذله وسجنه و لفظه سوى أن يكون هذا البديل حزبه حزب المؤتمر الشعبي .
المجلس العسكري (اللجنة الأمنية لنظام الرئيس المخلوع) , جاء ليضمن عملية الانتقال الآمن و السلسل للسلطة دون أن يفقد أتباع النظام البائد امتيازاتهم , ولكن ضغط الشارع الثائر كان أقوى من المجلس العسكري وطموحاته , الأمر الذي أدى إلى خروج الوجوه الاسلامية الصارخة في عضويته , من الكوادر الفاعلة للحزب الذي كان مسيطراً على كل صغيرة و كبيرة في البلاد , من أمثال عمر زين العابدين و جلال الدين الشيخ الطيب , وقد حاول المنظمون التابعون لحزب المؤتمر الوطني الذين يشغلون وظائف مفصلية في مؤسسات الدولة , السعي الدؤوب و المضني من أجل استعادة مجدهم الذي ضاع , مرة بالتسلل لضرب المعتصمين ليلاً ومرات أخر بنشر بيانات طافحة بالاكاذيب و الفبركات المشوهة لصورة نائب رئيس المجلس العسكري وقواته , حتى شهدناهم قد جاؤوا بائسين يجرجرون أذيال الخيبة , متضامنين تضامناً كاملاً مع تجمع المهنيين الذي عارضوه , ومساهمين مساهمة مغبونة في انجاح عملية العصيان المدني التي اعقبت احداث فض اعتصام القيادة العامة.
بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي دبرها رئيس هيئة الأركان , وبعض الضباط العسكريين من ذوي الانتماء المتأصل للتنظيم الاسلامي الذي حكم البلاد بيد من حديد , ما على المجلس العسكري و خاصة رئيسه ونائبه إلا أن يبت فوراً في تنفيذ مشروع تصفية مؤسسات الدولة من الكوادر السياسية و الأمنية الفاعلة التي تتبع لحزب المؤتمر الوطني (الجبهة الاسلامية) , والغاء بعض المؤسسات الكرتونية الموازية التي أسسها النظام البائد , و دمج البعض الآخر في المؤسسات الرئيسية التي كانت موجودة أصلاً منذ خروج البريطانيين.
إذا لم يقم المجلس العسكري بخطوات حاسمة وحازمة لكبح جموح حصان الاخوان المسلمين المنفلت, سوف يصبح وجبة دسمة لأصحاب اللحى الصفراء من جماعة الهوس الديني و كتائب ظلهم , فليرجع قادة المجلس العسكري بالذاكرة الى الوراء قليلاً لتلك الأيام الأوائل من حكم الانقاذ , ليروا الكيفية التي ثبتت بها الأنقاذ اركان حكمها , وليتدارسوا المنهاجية التي بسطت بها هيبة دولتها الرسالية المزعومة , حيث أنها لم تكن متسامحة على الاطلاق مع كل الذين اعترضوا طريق مشروعها الميتافيزيقي و مخططها الماورائي , فكما تعاملت الجبهة الاسلامية القومية بتلك الطريقة البشعة مع مؤسسات الدولة التي كانت قائمة , لم لا يقوم مجلس الحكم الانتقالي اليوم قبل الغد باجراء جراحة عاجلة , تكون أكثر قسوة من اجراءات الصالح العام التي اتخذتها الجبهة الاسلامية عقب نجاح انقلابها العسكري , حتى يطمئن المواطن على سير اجراءات تحقيق دولة المواطنة المنشودة .
يحمد لنائب رئيس المجلس الانتقالي تريثه وتعقله و عدم استعجاله , في سحب قواته الحافظة لأمن عاصمة البلاد التي تقبع فيها جميع مؤسسات الدولة ودواوينها السيادية , إذ ثبت جلياً و بما لا يدع مجالاً للشك أن قواته التي تميزت بالسرعة و الحسم والجهوزية العالية , والتي رشقها الأغرار من ناشطي الفيس بوك بسيل جارف من الاساءات , ثبت أنها صمام أمان الانتقال السلس للسلطة والحارس المؤتمن على سلامة الوطن وأمن المواطن برغم الأذى الذي لحقها وقائدها , من قبل هؤلاء الناشطين الأغرار الذين رموها بسهامهم الطائشة , فلولا ستر الله والعين الساهرة لهذه القوات لعاد النظام السابق للمشهد مجدداً , ولشهدت عاصمة البلاد عمليات سحل وذبح لآلآف الأبرياء من المواطنين , هذا في حال نجاح هذا الإنقلاب العسكري الذي خططت له قيادات كتائب الظل الاخوانية.
معلوم أن مشوار المليون ميل يبدأ بخطوة , لكن محاولة الانقلاب الفاشلة التي قادها الفاشلون في تحقيق دولة المواطنة , اختصرت المشوار لكل الثوار الحادبين على مصلحة البلاد والعباد , سواء كانوا عسكريين أو مدنيين أحرار تعاهدوا على إكمال المشوار , فبهذه الفعلة المنكرة قد جنت على نفسها براقش الاسلاميين , وسوف يحيق بهم مكرهم السيء الذي ظل المواطن السوداني يحتسي مرارته ثلاثون عاماً حسوما , فهذه الحماقة التي ارتكبها المتسترون وراء حجاب الوطنية ستضع النهاية المرجوة التي تليق بالإخوان المسلمين في السودان.
فيا مجلس يا عسكري يا انتقالي عليك بعاجل الحسم , من أجل انتشال الوطن الجريح من وحل الحكم الاخواني , الذي اقعدنا عن النهوض ومنعنا وصدنا عن استشراف مستقبل وريف نستحقه , لقد انتظر الحالمون بحياة كريمة طويلاً حتى يستشعرون ويشاهدون اقعاً حقيقياً لزوال دولة (الكيزان) , وها قد تضافرت كل العوامل المؤدية لتحقيق هذا الحلم , فهلا فعلتها يا مجلسنا الموقر؟.

اسماعيل عبد الله
[email protected]





تعليقات 2 | إهداء 0 | زيارات 432

خدمات المحتوى


التعليقات
#1845363 [H.M]
0.00/5 (0 صوت)

07-27-2019 05:09 PM
المشكلة و الشء الواضح هو أن المجلس العسكري في واقع الأمر هو امتداد للمؤتمر الوطني ..لذلك يقوم بكل هذا التسويف و المماطلة و عدم الحسم و ترك كل رموز العهد البائد ط...طلقاء يفعلون ما يشاؤون. .و كل يوم يكذبون علينا بدون حياء أو خجل


#1845220 [خالي شغل]
1.00/5 (1 صوت)

07-27-2019 07:31 AM
اراك تمدح الدعم السريع ولم تزكر شئ عن جيش البلد حتي ولو بالمطالبة باعادة الهيكلة علي اساس قومي يكون ف علمك لن يكون الدعم السريع بديلا للجيش


اسماعيل عبد الله
اسماعيل عبد الله

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة